بالقياس إليه ، كالسواد الصّرف عند البياض الحقّ ، إذا فرض غير متناهي البياضيّة ، فأنّى للنّور المحسوس القائم بالجسم الدّائر والجرم الدّائب أن يكون له هناك مثل سائر وذكر سائب.
سياقة
(٢٣ ـ كلّ حادث ذاتيّ حادث دهريّ أيضا)
ألم يأن لك ، بعد ما تلى على سمعك ، أن يخشع قلبك لذكر الحقّ ، فيثلج سرّك بما للوجود البحت الواجب من الاستيثار بالقدم السّرمديّ ولزمر الماهيّات بقضّها وقضيضها من الاستيعاب بالحدوث الدّهريّ؟ أما استبان لديك : أنّ كلّ حادث زمانىّ فإنّ له حدوثا دهريّا أيضا؟ أفيستحيل العقل ، لا بقريحة سقيمة وفطرة مئوفة ، أن يكون موقّت الحصول بسويعات بعد قرون غير محصورة وأدوار غير محصاة مع مبدع الأزمنة والأوقات في أزليّة التّقرّر وسرمديّة الوجود؟
وقد دريت أيضا : أنّ طباع [١٩ ب] الحدوث الزّمانيّ ليس يستوجب سبق العدم الصّريح في وعاء الدّهر ، ولا التعلّق بالمادّة ، والمسبوقيّة باستعدادها ممّا هو مبدأ هذا الاستيجاب. أليس ذلك إنّما يستدعى سبق المادّة والاستعداد بالزمان ولا يصادم وجود المادّة وذي المادّة معا في الدّهر على الدّوام الدّهريّ دون الزّمانيّ وإن كان بينهما تقدّم وتأخّر بالطّبع.
فإذن ، ليس يصلح لاستيجاب الحدوث الدّهريّ إلّا اعتبار الإمكان ، وهو الطباع المشترك بين جملة الجائزات. فهو كما يوجب الحدوث الذّاتي فكذلك يستوجب الحدوث الدّهريّ. والّذي ينشأ منه الحدوث الزّمانيّ هو التعلق بالمادّة وحركتها الاستعداديّة.
فإذن كلّ حادث ذاتيّ فإنّه حادث دهريّ أيضا. وإنّما الفصل بين الحوادث الزّمانيّة وبين سائر الجائزات بحسب الحدوث الزّمانيّ وعدمه لا بحسب شيء من ذينك الحدوثين.
تشريق
(٢٤ ـ الحادث الزّمانيّ يستدعى سبق العدم الزّمانيّ)