حادثا بالزّمان يجب أن يكون حدوث علّة ما من علله حدوثا زائدا على جوهر ذات تلك العلّة. فإذن كلّ متغيّر فإنّه لا محالة ينتهى إلى ماهيّة دائمة ، أى غير حادثة بالزّمان هي نفس التّغيّر.
ولو لا أنّ في الأسباب ما يعدم بذاته ، ينصرم انصراما زمانيّا ، لما صحّ لحادث ما زمانىّ وجود في أفق الزّمان ولا عدم طار بعد الوجود. وذلك المنصرم بذاته هو الحركة الّتي لذاتها حقيقتها تفوت وتلحق. ومثل هذه الاسباب تكون أسبابا بالعرض ، فإنّها لا تفيد الوجود بل إنّما تفيده هذا الصّفة ، أعنى تخصّص الحدوث بحدّ ما بعينه من حدود الزّمان.
فصّ
(١٢ ـ الحدوث الذاتىّ والدّهريّ والزّمانىّ وملك الامكان)
فإذن إنّما ملاك الحدوث الذاتىّ والحدوث الدّهريّ طباع الجواز بالذّات ، وأمّا الحدوث الزّمانىّ فملاكه الجواز الذي هو بمعنى الاستعداد. فكلّ حادث ذاتيّ هو متصحح الفيضان عن الجاعل بجوازه الذاتىّ ، فإنّ له الحدوث الدّهريّ لا غير. وكلّ ما ليس له ذلك التّصحّح بمجرّد الجواز بالذّات بل هو مرهون الوجود بالجواز الاستعداديّ ، فإنّه مع ذينك الحدوثين حادث زمانىّ أيضا ، وأن بين عوالم التّقرّر بأسرها تساوقا وتطابقا ، أعني اتّساقا طبيعيّا وارتباطا لزوميّا ، به يتصحح أنّ يتحصّل من جملتها نظام وحدانىّ في الوجود مستند إلى الجاعل الحقّ بالصّدور عنه أبدا مرّة واحدة.
فعالم الملك على الإطلاق ، بما فيه من امتزاج النّسب الهيولانيّة واعتناق الهيئات الجرمانيّة بخصوصيّات الأقدار والكيفيّات والأوضاع والإضافات ، كظلّ لعوالم الحمد في الاستناد إلى وجود الجاعل الحقّ ورحمته ، بما فيها من امتزاجات نسب الإشراقات العقليّة واعتلاقات عكوس الأشعّة القدسيّة والازدواجات البهيّة الملكوتيّة بين ابتهاجات الملائكة النّوريّة.
ثمّ عالم الطبائع الأربع الأسطقسيّة بما في أقطاره وآفاقه وأقطاعه وأرباعه من النّسب الممتزجة والهيئات المزدوجة بحسب أطوار الصّور والكمالات والكميّات والكيفيّات والأوضاع والإضافات ، كمؤتمّ بعوالم الطبيعة الخامسة الفلكيّة بما