ثمّ معيّة ما هو خارج عن الزمان بالقياس إلى الزمان ليست معيّة زمانيّة ، بل نحو آخر منها ليست بالانطباق على الزمان أو على طرفه.
وما يتحقق بينه وبين الزمان هذه المعيّة الغير الانطباقيّة ، إمّا أن يكون له اقتران طبيعىّ بالزمان ، كأن يكون فاعلا له كالمبدإ أو حاملا لمحلّه كالفلك الأقصى ، فيكون معيّتهما معيّة سرمديّة أو دهريّة بالطبع على أنّ بينهما تضايفا بالفعل دون مجرّد الفرض [٢٣٣ ظ] لا على الاتفاق البحت ، بل من جهة تلك العلاقة الطبيعيّة ومن جهة حصول الوجود لهما جميعا ؛ وإمّا أن لا يكون له ذلك ، كالنفس المجرّدة لفلك الثوابت مثلا ، فتكون معيّتهما دهريّة غير طبيعيّة ، بل على الاتفاق البحت من جهة حصول الوجود لهما فقط.
والمعيّة الزمانيّة إمّا نفس الفيئيّة ملحوظة على اعتبار آخر ، هو اعتبار المقارنة لما هو منتسب إلى الزمان بالفيئيّة معه بحسب حصول الوجود ، كمعيّة الحركة والزمان ؛ أو راجعة إليها ، كمعيّة المتحرك والزمان أو الحركتين أو المتحركين أو الحادثين المختصّين [٢٣٣ ب] بزمان معيّن.
فهذه المعيّة هي على سبيل التضايف الطبيعىّ من حيث الحامليّة والمحموليّة ، كالمعيّة بين السواد من حيث هو محمول والجسم من حيث إنّ الجسم هو حامل ، أو بين السواد والشكل من حيث إنّ الجسم حامل لهما ، فهى إنّما تكون بالطبع لا على مجرّد الاتفاق البحت من حيث حصول الوجود لهما لا غير.
ولعلّ سلوك سبيل الحكمة الفلسفيّة على هذه البضاعة لم يتفق لأحد بعد الرئيس من أصحاب الصناعة ، فقد اختلف نمط القول فيه في «النجاة» و «الشفاء» ، وبهمنيار لم يطق تحصيل الغرض على وجهه في «التحصيل» فأتى [٢٣٤ ظ] بما شاء.
[٣١] استصباح
على ما حصّلناه ، من الحكمة اليمانيّة النضيجة المنضجة بإنضاجات القوّة العقلانيّة ريثما أدّت إليه القياسات البرهانيّة والإضافات الربّانيّة ، يشبه أن يكون للحدوث ثلاثة معان محصّلة :
أحدها مسبوقيّة وجود الشيء بالعدم بالذات ، ويقال له عند الفلاسفة الحدوث