المشهوريّة الّتي قد تكلّف تسويغها بعض غاغة الجماهير من المتكلّفين.
فإذن ليس بدّ في قطع المسافة ونيل موافاتها في الأعيان من حركة قطعيّة متّصلة موجودة في الأعيان منطبقة على الاتّصال المسافيّ أعني المسافة الّتي فيها الحركة ، وعلى الزّمان الممتدّ الذي تتكمّم وتتقدّر هي به وتوجد بهويّته المتكمّمة المتّصلة فيه. فقد وجب وجود الزّمان الممتدّ الذي هو ظرف وجودها أيضا في الأعيان. وهل وعاء وجود الزّمان الممتدّ إلّا ما سمّيناه الدّهر؟.
فقد ثبت الوعاء الذي هو الدّهر ، واستبان أنّ الحركات السّماويّة وجملة الحركات والزّمان الممتدّ الذي هو مقدار حركة الجرم الأقصى ، وهو بعينه ما تتقدّر به سائر الحركات المتكمّمة موجودة بهويّاتها الامتداديّة الاتّصاليّة في الدّهر.
فاشعر إذن أنّه لو كان الزّمان الممتدّ الموجود متمادي المقدار في جهة الأزل إلى لا نهاية ، وكذلك الحركات المتكمّمة السّماويّة ، كانت براهين إبطال اللّانهاية بالفعل منتهضة الحكم هناك بالاستحالة بتّة.
فإذن ، قد صحّ أنّها لا محالة حادثة الوجود متناهية الامتداد في جهة الأزل ، لا على الوجه الملزوم لوجود الآن بالفعل ، فكذلك الأجرام الّتي هي موضوعاتها ، إذ لا يصحّ للسماويّات وجود في سكون ، فإنّ السّكون موت ، وهي حيوانات مطيعة لله تعالى ، رقّاصات فى ابتهاجات بإشراقات نوره ، وكذلك نفوسها المفارقة ، العاقلة لمجد ربّها ، المتخيّلة تخيّلات حقيقيّة ؛ وكذلك العقول الّتي هي متشوّقاتها القريبة ومصحّحات استشراقاتها بأشعّة النّور الحقّ ، والفاعل الحقّ قد فعل الأجرام الفلكيّة وأخرجها من اللّيس إلى الأيس في الدّهر متحرّكة ، لا أنّه أيّسها بلا حركة ثمّ من بعد أيسها عروا عن التّحرّك قد ألبسها الحركة.
خلسة قدسيّة
(٣ ـ «تقدّم البارى سبحانه سرمدىّ وذاتيّ والعالم متأخّر هويّا»)
كأنّك لو كنت متّقد القريحة متّمض السّجيّة محتدّ التّفطّن مشتدّ التّحدّس ، لم يكن ينخبئ عن حدسك : أنّ المتأخّر بالماهيّة إذا كان مباين الذات والوجود في الأعيان للمقدّم بالماهيّة ، غير مقارن ومخالط إيّاه ، بل منفصلا عنه في الوجود ، مسبوق