إيماض
(٤ ـ الاتّصال على أقسام)
إنّ «الاتّصال» يقع في الصّناعة على معنيين ، باشتراك اللّفظ : إضافىّ لا يعقل إلّا بين شيئين ، متّصل ومتّصل به ، ويطلق على كون المقدار متّحد النهاية بمقدار آخر ، وعلى كون الجسم بحيث يتحرك بحركة جسم آخر ؛ وحقيقىّ يوصف به الشّيء لا بقياسه إلى غيره. وهو أيضا بمعنيين : أحدهما نفس متّصليّة الشّيء ، أي : كونه بذاته مصداق حمل الممتدّ في الأبعاد عليه ، فبحسبه جوهر الذّات متّصل واتصال باعتبارين ، والمتّصل بهذا المعنى هو صورة الجسم الطبيعىّ وفصله [٢٦ ظ]. والآخر كون الشّيء في ذاته بحيث يصحّ تحليله إلى أجزاء وهميّة متشاركة في حدود مشتركة. والمتّصل بهذا المعنى فصل الكم ولازم للمتّصل الّذي هو صورة الجسم في الوجود.
إيماض
(٥ ـ الجسم الطبيعى وأحكامه)
إنّما للجسم الطّبيعىّ ، بما هو جسم طبيعىّ ، أن يكون سنخ طبيعته وجوهر ماهيّته ممتدّا في الجهات الثّلاث على الإطلاق. فهذا له في مرتبة ذاته ، لأنّه من مقوّمات ماهيّته. وليس له من تلك الحيثيّة أن يتعيّن البتة تماديه فيها باللّانهاية أو بالنهاية ، وبامتدادات بخصوصها في النهاية. بل التناهي عارض يلزمه في الوجود ، لا في التّوهّم. وتخصّص الامتدادات أمر يلحقه بعد مرتبة الذّات بخصوصيّات لاحقه. فجسم لا يخالف جسما بحسب الاتّصال الذّاتيّ الجوهريّ بالمفاوتة بالعظم والصّغر والكليّة والجزئيّة.
ثمّ إذا اعتبر تعيّن الامتدادات ، لحق إمكان انفراض الأجزاء المشتركة في الحدود المشتركة ، وعرض الاتّصال بالمعنى الّذي هو مبدأ فصل للكم ومصحّح قبول المساواة والمفاوتة. وهذه المرتبة هي الّتي يقال لها الجسميّة.
فإذن ، الجسم التعليمىّ مرتبته تعيّن امتدادات الجسم الطّبيعيّ وليس هناك ممتدّان بالذّات : جوهريّ وعرضىّ ، بل إنّما الممتدّ بالذّات الجوهر المتّصل ، وليس له بحسب تلك المرتبة أن يكون ممسوحا. فإذا تعيّن في تماديه فصحّ أن يمسح بكذا كذا مرّة أو مرّات غير متناهيّة إن توهّم لا متناهيا ، كان جسما من باب الكميّة التعليميّة.