فحص
(٩ ـ القيّوم بالذّات في الوجود)
إنّ القيّوم الواجب بالذّات ليس يصحّ أن يكون مكانىّ الذّات في الوجود لقيّوم آخر واجب الوجود ، أو مستلزم الذّات له ، لو فرض أن يوجد ، تعالى القيّوم الحقّ عن ذلك علوّا كبيرا ، بحيث يتحقّق بينهما علاقة ذاتيّة يمتنع بحسبها بالنّظر إلى كلّ منهما أو أحدهما أن يكون موجودا ، وليس هو مستصحب الآخر في الوجود ، وهما متكافئان في الوجود [٦٢ ب] بالذّات.
أليس إذا كان أحد الواجبين بالذّات له وجوب أيضا بحسب اعتباره. مع الثّاني ، كان ذلك الوجوب إمّا بالثانى والواجب بالذّات ليس يجوز أن يعرضه الوجوب بالغير ، أو بالقياس إلى الثّاني. والوجوب بالقياس إلى الغير لا يكون للشىء إلّا بالقياس إلى ما هو علّة أو معلول له ، أو ما هو معه في معلوليّة علّة واحدة. وريثما ليست علاقة العليّة والملوليّة ليس وجوب بالقياس. فإذن كلّ منهما لا يأبى ذاته أن يتقرّر ويوجد وليس يتقرّر ويوجد الآخر وإن كان كلّ يجب بالنّظر إلى ذاته أن يوجد ويمنع أن لا يوجد.
فالوجوب بالذّات ليس بطباعه يصادم الإمكان الخاصّ بالقياس إلى الغير. وإنّما يمتنع بلحاظ علاقة العليّة. فإنّ للمعلول بالنّظر إلى العلّة وجوبا بالغير ووجوبا بالقياس إلى الغير جميعا ، وللعلّة بالنّظر إلى المعلول وجوبا بالقياس إلى الغير فقط ، لا وجوبا بالغير أيضا. فهما تحققت علاقة العلّة ، صحّ الإمكان العامّ بالقياس إلى الغير ، لصحّة الوجوب بالقياس إلى الغير الّذي هو أخصّ منه.
تقديس
(١٠ ـ تضامّ الحقائق ليس يفيد تحصّلا نوعيّا)
أمّا قبلك من المستبينات ، بل من الفطريّات والحدسيّات ، أنّ تضامّ الحقائق المتباينة بالنّوع المختلفة بالجنس ، ليس يستحقّ أن يفيد تحصّلا نوعيّا ويحصّل ذاتا أحديّة وواحديّة محصّلة ، بل ربّما يستوجب تصنّفا أو يحصّل هويّة شخصيّة ، كما الأعراض المصنّفة أو المشخصة تدخل في صنف ما أو شخص ما جوهريّ ، ولا تدخل في قوام الحقيقة النّوعيّة الجوهريّة ، وكيف تتأحّد من ماهيّتين مختلفتين حقيقة وحدانيّة.