بعينه فقط ، بل ولغيره أيضا : فإمّا أنّ كون ذلك الواحد واجبا بالذّات هو نفس كونه هو بعينه ، فلا يكون الغير واجبا بالذّات بالضّرورة ، وإمّا أنّ كونه واجبا بالذّات أمر وراء كونه هو بعينه ، فيكون هو بعينه شيئا خارجا عن طباع الوجوب بالذّات ، فيكون هو بهويّته المعيّنة ، لا محالة ، جائزا فاقرا معلولا.
تقديس
(٣٧ ـ حقيقة الوجوب لا تكون ماهيّة مبهمة)
وكما امتنع أن تكون حقيقة الوجوب بالذّات ماهيّة محصّلة نوعيّة ، فكذلك يستحيل أن تكون هي طبيعة مبهمة جنسيّة منقسمة بالفصول. أما استبان لك ، في الحكمة الّتي هي فوق الطبيعة وفي الفلسفة الّتي هي مكيال العلوم ، أنّ الفصل أو ما يقام مقامه ليس يستتبّ لجوهر الجنس ، أى : ليس يفتاق إليه قوام سنخ الطبيعة الجنسيّة أو ما يقام مقامها ، بل الفصول مضمّنة في سنخ جوهر الطبيعة المرسلة المبهمة الّتي هي الجنس ، وإنّما فصل ما بعينه يعيّنها ويحصّلها ويفيدها استكمال تقوّم الحقيقة التّامّة المحصّلة واستتمام تصحّح الإنيّة والحصول بالفعل؟
فإذن ، إذا كانت الطبيعة ، كالحيوان واللّون ، أى : ليس الحصول بالفعل هو نفس طباعها ولا مضمّمنا في جوهر ذاتها ، ساغ أن يكون قد بقى لها منتظرا أن تتقوّم ذاتا خاصّة في الوجود وحقيقة [٧٧ ب] مستتمّة التّحصّل في الفعليّة ، فيكون لها فصل ليس يفيد المعنى الجنسىّ حقيقته وقوام جوهره من حيث معناه ، بل يفيده التقوّم بالفعل ذاتا محصّلة موجودة.
فأمّا حقيقة الوجوب بالذّات فهى نفس تأكّد التّقرّر وتمحّض الوجوب ، وليست الموجوديّة بالفعل أمرا خارجا عن مرتبة نفسها وعن معنى ذاتها. فلو كان لها العموم الجنسىّ كان ما هو كالفصل هناك مفيدا معنى ذاتها وطباع حقيقتها. فكان ما هو كالفصل بما هو كالفصل داخلا في طبيعة ما هو كالجنس بما هو كالجنس ، في اللحاظ الّذي فيه تمايز موضوعى التّعيّن والإبهام مع تخالطهما ، وهو خلف فاسد.
تقديس