بخصوصها من الحيثيّات النّفس الأمريّة ، وكذلك بين اختلاف الموضوع بالحيثيّة التّقييديّة والاختلاف بالحيثيّة التعليليّة؟
فهذه ضوابط فحصيّة ، إن حقّقتها باللّحظ ربما استنقذك ، من جهالات وهيجة وإعضالات وشيجة في تشكيكات مبيدة في مقامات.
تشريق
(٥ ـ المخرج من القوّة إلى الفعل)
فقد بان ممّا استبان أنّ النفس العاقلة لا تستطيع أن تخرج ذاتها من القوّة الهيولانيّة الّتي هي درجة العقل المنفعل إلى فعل العقليّة الّتي هي درجة العقل بالفعل ، ثمّ الّتي هي درجة العقل المستفاد ؛ إذ لا شيء من الأشياء مخرج نفسه من القوّة الى الفعل ؛ كيف ولو كانت نفس الذّات مستوجبة الخروج لما كانت بالقوّة أصلا.
وأيضا كلّ ما ذاته تخرج من القوّة إلى الفعل فمن حيث الفعل أشرف وأكمل من حيث القبول ، فيلزم أنّ تكون ذاته أشرف وأكمل من ذاته لتستكمل وتقبل الكمال من نفس ذاته. وبالجملة ، إنّ الشّيء لا يستكمل عن نفسه ، إذ واهب الكمال المطلق لا يكون عريّا عنه ، وإن كان ما ليس كمالا مطلقا للموجود بما هو موجود ، كالحرارة والسّواد ، ربما يكون معطيه عروا عنه.
فإذن ، مخرج النّفوس البشريّة إلى مراتبها الفعليّة نور قدسي هو عقل فعّال بإذن ربّه ، بريء في جوهره عن القوّة الانفعاليّة الهيولانيّة ؛ قياس إشراقه إلى كوّة القوّة النّظريّة وحدقة البصريّة العقلانيّة هو قياس إضاءة الشّمس إلى كوّات البيوت المدريّة وأحداق الأبصار الجسمانيّة.
وهو أيضا خزانة معقولات النّفس ، كما القوّة الخياليّة خزانة لمحسوساتها. فبمقدار ما يتمّ استعداد النّفس وتأهّبها للاتّصال تستفيض وتقبل الفيض عنه على الرّشح أو على الإشراق ، وما دامت مستديمة ذلك الاتّصال تتمكّن من استعراض الصّور المعقولة.
وإذا أعرضت عنه إلى ما يلي العالم الجسمانيّ أو إلى صور أخرى غيرها انمحت عنها المتمثّلات الّتي كانت فيها ، كأنّ المرآة الّتي كانت يحاذى بها جانب القدس قد اعرض بها عنه إلى جانب الحسّ أو إلى لحاظ صورة قدسيّة أخرى.