فهو تقدّم في وجوب الوجود وحصوله الّذي هو بالفعل بتّة. وهذا شرح قولهم : «إنّ المعنى الّذي فيه السّبق فيه هو الوجود بحسب وصفه الّذي هو الوجوب لا بحسب نفسه». طباعه ففى استيجاب أن يتكافأ المتقدّم والمتأخّر في اللزوم ، فلا محالة يجب أن يكونا معا. إما في الزّمان إذا كانا زمانيّين ، أو في الدّهر إذا كان المتقدّم غير زمانيّ.
فهذا التّقدّم إما مع المعيّة الزّمانيّة ، أو مع المعيّة الدّهريّة ، والمتأخّر مع المتقدّم ، وبه في الزّمان أو في الدّهر ، إذ منه [١٤ ظ] يصل الحصول الّذي هو بالفعل إليه ، والمتقدّم معه لا به ، إذ ليس ذلك منه يصل إليه. وكذلك الأمر في رفعه بالنّسبة إلى رفعه.
إيماض
(٢ ـ سبق الماهيّة على الوجود وسبق جاعل الماهيّة)
سبق مرتبة التّقرّر ، أعنى قوام جوهر الماهيّة ، على الوجود المنتزع العارض ، سبق بالماهيّة فقط. ولجوهريّات الماهيّة عليها سبقان بالماهيّة وبالطّبع من تلقاء حكم الجزئيّة في ظرف الخلط والعرى (التعرية ب) الّذي هو لحاظ التعيّن والإبهام ، والفحص هناك غامض ؛ ولجاعلها التّامّ سبق بالماهيّة (١) وسبق بالعليّة والوجود ، ولوازم (٢) الماهيّة على الاصطلاح الصّناعىّ وسائر العوارض بحسب مرتبة التقرّر ، كالإ
__________________
(١) قوله : «ولجاعلها التّامّ سبق بالماهيّة». وأما سائر العلل غير العلّة الفاعلة فإنما لها السبق بالطّبع. فما في المطارحات : «أنه إذا بيّن أنّ الوجود من الامور الاعتبارية فلا يتقدم العلة على المعلول إلّا بماهيتها ، فجوهر المعلول ظلّ لجوهر العلّة ، والعلّة جوهريتها أقدم من جوهريّة المعلول ، والوجود أمر ذهنىّ ، فليس التقدّم إلّا بالماهيّة، فتتقدم جوهريّة العلّة على جوهريّة المعلول ، وهو مذهب أفلاطون والأقدمين ؛ إنّما يصحّ في الفاعل دون سائر العلل. فالمعلول ظلّ ما هو فاعل ذاته وجاعل ماهيته وليس ظلّ الشروط والمعدّات ، مثلا. ثم كون الوجود من الاعتباريات الانتزاعية لا يحيل تقدم الذّات بحسب مرتبة موجوديتها المنتزعة المتأخرة عن مرتبة جوهر الذّات ، وهي المرتبة المتقدّمة على الوجود المنتزع. فالحصر في التقدّم بالماهيّة ليس بسديد. بل إنّما اللّازم تحقق نحوين من التقدّم بالماهيّة بحسب مرتبة جوهر الذّات ، وبالطّبع بحسب مرتبة الوجود المنتزع أخيرا. وإنّما مذهب «أفلاطن» والأقدمين من إثبات التقدّم بالماهيّة أيضا لا إرجاع التقدّم بالطّبع إلى التقدّم بالماهيّة. ورؤساء المشّائية أيضا مساعدون على إثبات التقدّم بالماهيّة ، ولكن لا في العلّة الفاعلة بالقياس إلى المعلول ، بل في مرتبة فعليّة الماهيّة بالقياس إلى مرتبة الوجود وفي جوهريات الماهيّة بالقياس إليها وفيما يلحق الماهيّة بذاتها في مرتبة جوهرها بالقياس إلى ما يلحقها بغيرها (منه دام ظله العالى).
(٢) أي : لوازم تكون نفس الذّات علّة مقتضية لها (منه).