حيث أدركه من أسبابه وعندنا أيضا لو أنّا أدركنا علل شخص ما ، كنّا نحكم بأنّه كلّما وجدت تلك العلّة وجد شخص ، تلك العلل علل شخصيّته. لكنّا لا نعلم أىّ سبب يتأدّى إلى وجوده هذه الأسباب ، فإنّ الأسباب السابقة غير متناهية. وعند الأوّل تلك الأسباب على نظامها وتراتيبها معقولة له. فلا يعزب عن علمه شيء من الموجودات» ، هذه ألفاظه.
وقال خاتم الحكماء في («نقد المحصل» ، ص ٢٩٥) : «الفلاسفة لا يزعمون أنّه عالم بكلّ المعلومات مطلقا ، بل يقولون : إنّه تعالى يعلم جميع الجزئيّات من حيث هي معقولات ، لا من حيث هي جزئيّات متغيّرة. قالوا : المدرك للجزئيّات الزمانيّة [١٦٢ ظ] من حيث هي متغيّرة ، يجب أن يكون زمانيّا ذا آلة ، قابلا للتغيّر ، وهو شبيه بالإحساس وما يجرى مجراه. وهو تعالى منزّه عن هذا النوع من الإدراك ، كما أنّه منزّه عن الإحساس والذوق والشمّ والإشارة الحسّيّة. هذا هو مذهبهم» ، انتهى.
[٢٥] تكملة
ما ألطف ما أورد لتلخيص عرض المرام وتحصيل غرض المقام ، أعنى كلام خاتم الحكماء في «شرح رسالة مسألة العلم» (ص ٣٨) ، فلا بأس بأن يتلى عليك ، لما فيه من عظيم النفع ولطيف القول ، مع ما في المطلب من غوامض الفكر ومداحض الوهم. ولذلك آثرنا في ما [١٦٣ ظ] قصصناه عليك من ترادف العبارة وسياقة الإطناب وإن كان فيه اجتياز عن طريقة طور الكتاب. قال :
«أمّا علم البارى تعالى بالجزئيّات ، فقيه خلاف بين المتكلمين والفلاسفة. وذلك أنّ المتكلمين قالوا : إنّ البارى تعالى يعلم الحادث اليومىّ على الوجه الذي يعلمه أحدنا أنّه موجود في هذا الوقت ولم يكن موجودا قبله ويمكن أن يوجد بعده أولا يمكن. ثمّ إذا نبهوا بوجوب تغيّر العلم بالمتغيّرات حسب تغيّرها ، التزم بعضهم جواز التغيّر في صفات الله تعالى أو في بعضها. فقال القائلون بالإضافات فقط : إنّ تغيّر [١٦٣ ظ] الإضافات في صفات الله جائز عند جميع العقلاء ، كالخالقيّة والرازقيّة بالإضافة إلى كلّ شخص. وقال غيرهم : يجوز أن يكون ذاته تعالى محلّا للحوادث ، كما جوّز طائفة من الحكماء كونها محلّا قابلا لصور المعلومات غير المتغيّرة. ومن لم