وغير متعلّق إلّا بذاته ، وبحسب ارتباطه في الوجود بالمادّة متعلقا أيضا ، لا محالة ، بتلك المادّة العينيّة وإن كان هو من الاعتبارات الذّهنيّة ، كما القبليّة والبعديّة صفتان عقليتان ومتعلقتان بالأشياء العينيّة من جهة ما هي واقعة في الأعيان.
فإذن ، إمكانات الأشياء الحادثة [٢١ ظ] بحسب التّعلّق بالموادّ ، يقال : إنّها تقارن عدمها قبل وجودها ، ويعبّر عنها بالقوّة. ولا يرتاب في أنّ ذلك ليس إلّا بحسب استعدادات متعاقبة مختلفة بالبعد والقرب ، زائلة مع خروج الوجودات من القوّة إلى الفعل ، لا من حيث هي إمكانات بالذّات ، وبهذا الاعتبار يقع اسم الإمكان عليها بالتشكيك. فأما بحسب ما هي إمكان الموجودات الممكنة في أنفسها بالذّات ، فأمور لازمة لماهيّاتها المرسلة مع عزل اللّحظ عن الفعليّة واللّافعليّة ، وهي سواسية في استحقاق الوقوع تحت اسم الإمكان ، بل الإمكان مفهوم واحد سلبيّ متخصّص بنفس الإضافة إلى الماهيّات ، لا قبل الإضافة.
إيماض
(٢٩ ـ إمكان الإبداعيّات وافتقار المادّيّات)
إنّ الأمور الإبداعيّة لا يتصوّر فيها استعداد يتقدّم وجودها ، وإمكانها إنّما يعقل عند تقرّرها ، وهو صفة لماهيّتها الّتي لا تتحقق قبل تقرّرها ، فإمكان وجودها ليس إلّا في ذواتها ، لا في شيء آخر. والماديّات : منها : [ما] وجوده في المادّة أو عنها ، كالصّور الجوهريّة والأنواع الجسمانيّة وكذلك الأعراض ، وهناك الافتقار إلى المادّة لتقوّم الموجود ولترجّح وجوده المتخصّص بوقته جميعا ، إذ قوّته على الفعليّة واللّافعليّة سواء. وليس يستبدّ الإمكان الذّاتيّ بقبول الفيض ، كما في المبدعات. ومنها ما وجوده مع المادّة ، كالنفوس المجرّدة الإنسانيّة ، وافتقارها إلى المادّة ليس للتقوّم ، بل إنّما لترجّح الوجود بحسب الحدوث فقط دون البقاء ثمّ للاستكمال. فالنّفس لو لم تكن مفتاقة إلى الاستكمال لم تكن تعتلق بعالم الطّبيعة ، بخلاف ما تقوّمه بالمادّة وتحصّله عنها.
إيماض
(٣٠ ـ الحادث ممكن قبل الوجود)