فإن غولط : بأنّ المعقوليّة بما هي معقوليّة ليست تأبى أنّ تفارق العاقليّة ، وكذلك العاقليّة من حيث هي عاقليّة ؛ والمعقوليّة بما هي معقوليّة تستدعي وجود موصوفها لشيء ، لا وجود شيء لموصوفها ، والعاقليّة بما هي عاقليّة على العكس ، فهما حيثيّتان مختلفتان مفهوما واقتضاء.
حوول كشف غطاء التّدليس على مضاهاة ما ذكر.
ثمّ أليس الفحص يقضى أنّ الماهيّات علل للوازمها ، إذ لو لم يكن الاقتضاء لازم نفس ذات الملزوم وماهيّته ، بل كان حصول اللّازم له باقتضاء علّة من خارج ، لصحّ تقرّر الملزوم عريا عن ذلك اللّازم عند فرض انتقاء تلك العلّة ؛ أى ما لم يلحظ الاستناد ، فلم يكن هو لازما ، وهي أيضا متّصلة بها ، أو هى حاصلة فيها ، لا فى شيء آخر منفصل عنها. فالزّوجيّة من ماهيّة الأربعة وفيها ، ومساواة الزّوايات للقائمتين من ماهيّة المثلّث فيها ، واستعداد الكتابة من ماهيّة الإنسان وفيها.
وإن اوهم : أنّ هذه الماهيّات مركبّة : إمّا في التّصوّر واللّحاظ التّحليلىّ فقط ، وإمّا في الوجود أيضا.
ازيح : بأنّ في كلّ مركّب بسيطا ، ولكلّ من البسائط شيء من اللّوازم لوحدته وهويّته أيضا ، لأنّ للحقيقة المركّبة لا محالة وحدة تخصّها ، واللّازم إنّما يلزم عند الاجتماع ، وليس علّة لزومه أحد أجزاء المجتمع ، وإلّا لكان حاصلا قبل الاجتماع ؛ ولا القابل له جزءا ما ، إذ إنّما الموصوف به نفس الحقيقة المجتمعة. فالقابل والفاعل إنّما هو المجموع بما هو المجموع. فإذن الشيء الأحديّ الذّات ، والشيء الواحد بالاعتبار الذي هو به واحد قابل وفاعل.
ومن المستغرب ، أنّ هذا الشّيخ المراوغ مساعد الشّركاء ، أساء في بعض كتبه على استناد لازم الماهيّة إلى نفس ذاتها من غير مدخليّة مرتبة الوجود ولا جاعليّة الجاعل في العليّة إلّا بالعرض ؛ ومنفرد بتشريك اللّوازم والجوهريّات في إحدى خاصيّاتها ، وهي امتناع رفعها عن الماهيّة في التوهّم.
فإن كنت ، بعد ، يزعجك : «أنّه إذا اقتضت ماهيّة بسيطة أو حقيقة ما واحدة لازما ما من اللّوازم العرضيّة ، كانت نسبته إليها بحسب مرتبة نفسها من حيث هي هي ، نسبة