وجود العلّة التامّة ، زمانيّين كانا أولا. ومنه يعلم أنّ تقدّمها عليه ليس زمانيّا» انتهت بألفاظهما. وفيه عند عدّ أقسام المعيّة : «وكذلك المع على خمسة أقسام ، أمّا بالزمان فظاهر ، كالعلّة مع المعلول. وذلك في غير المفارقات لأنّها غير زمانيّة».
وفي «شرح التلويحات» [١٣٧ ظ] بعد ذكر أنواع التقدّم : «وبما علم من حال المتقدّم يعلم حال المتأخر والمعيّة إلّا أنّ المفارق بالكليّة لا يصدق عليه المعيّة الزمانيّة ، لكونه ليس زمانيّا. والجسمان لا يصحّ بينهما المعيّة المكانيّة من جميع الوجوه ، لاستحالة اجتماعهما في مكان واحد» نجزت عبارته.
والذي يشبه أن يكون أخرى وأحقّ هو أن تجعل المعيّة ستّة أقسام ، والقسم السادس قدرا مشتركا بين المعيّة الدهريّة والسّرمديّة ، لأنّ ما به المعيّة فيهما ، أعنى الدهر والسّرمد ، متشاركان في عدم الاتصاف بالامتداد ومقابله ، كما أنّهم جعلوا السبق بالذات قدرا [١٣٦ ب] مشتركا بين السبق بالطبع والسبق بالعليّة ، لأنّ ما به السبق فيهما هو الوجود إمّا باعتبار نفسه أو باعتبار كيفيّته ، أعنى الوجوب ، وكأنّ الكلام قد بلغ نصاب الحقّ ومبلغ الكفاية ، فإنّ بما دونه يتبصّر سليم الفطنة ، وبما فوق الفوق لا يهتدى سقيم الفطرة. فكلّ ميسّر لما خلق له.
[١٦] تفسير
كأنّك إذن بما تحقّق لديك استشعرت قول سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، عليه أزكى الصلاة وأو في التحيّة ، في خطبة يصف بها توحيد البارى تعالى شأنه ويمجّد بها جلاله وعزّه : «مع كلّ شيء لا بمقارنة وغير [١٣٨ ظ] كلّ شيء لا بمزايلة».
[١٧] محاجّة برهانيّة فيها محجّة شعشعانيّة
يا ليتك كنت ذا لسان طلق عقلانىّ غير جسمانىّ ، فتقول لزمرة المتهوسين بالقدم : يا قوم ، أليست المعيّة في المعانى المختلفة جارية مجرى التقدّم والتأخّر ، فكلّ اثنين من هذه الثلاثة ، بمعنى من تلك المعانى ، مقابلان لثالث بذلك المعنى. فإذا تحقق في المعيّة لا يتخلّف بحسبه وجود أحد المعين عن وجود الآخر من دون مدخليّة للزمان فيه أصلا ، بل على أن يكون ما به المعيّة أمرا آخر غير المقدار المقضيّ