الانتفاء ، وعدم حصول الشّيء في زمان ما غير متحقّق الصدق ، إلّا في ذلك الزّمان ، ومع تحقّق ، وإنّ شيئا من تلك الأوهام ليس له في الحكمة من خلاق ، وإن هي إلّا أقاويل أذهان عقيمة وتهاويل قرائح معقوقة. وإنّ في المتكلّفين والمتفلسفين أقواما وعشائر تلك أمانيّهم.
ومن هو على بصيرة في أمره يعلم أنّ ما يحدث ويتجدّد ويعقل فيه فعل وقبول يكون لا محالة شيئا ما ؛ والعدم ليس شيئا ما ، يعبّر عنه بالانتفاء والبطلان ، بل هو ليس صرف. وإنّما يخبر من لفظه فقط. ويعنى به أنّه ليس هناك أمر ما أصلا. وطرأ العدم على الوجود الزمنىّ سلب وجوده في الزّمان العاقب سلبا بسيطا. على أنّ الزّمان قيد الوجود المسلوب ، لا قيد السّلب الوارد عليه ، وهو متحقّق الصّدق في زمان وجود الموجود في الآزال والآباد. وليس للموجود المتقدم وجود في الزّمان العاقب حتى يرتفع ويتجدد. اللّيس الصرف فيه بدلا عنه.
أفليست الذات الجائزة لا بإفاضة الجاعل باطلة في متن الدّهر في الآزال والآباد جميعا؟ فإذا أفاضه الجاعل في الدّهر لا في زمان وآن أو في زمان ما وآن ما ، أبطل بطلانه الدّهريّ ، أو بطلانه في ذلك الزّمان والآن ، وأبدله بالتقرّر الدّهريّ أو التقرّر في ذلك الزّمان والآن ، ويستمرّ التقرّر إلى حيث يتصل الإفاضة.
فإذا ما أمسك المفيض عن الجعل ، لعدم تحقّق مصحّحات الإفاضة ، انصرم التقرّر وانبتّ الوجود ، ورست سفينة اللّيسيّة الأصليّة الّتي هي رأس مال طباع الجواز ثابتة على مرساتها ، واتّقف البطلان الصّرف الذي هو غريم ذمّة الإمكان قائمة رحاها على قطبها. فحينئذ ينتهى فيضان الوجود وينجذّ استمراره ، لا أنّه يرتفع الوجود الذي قد فاض في الزّمان الدّارج عن كبد الدّهر وعن ساهر الزّمان.
أفليس من المنصرح أنّ ارتفاعه عن زمانه في قوّة احتشاد النّقيضين وعن الزّمان العاقب غير معقول إذ لم يكن متحققا فيه قطّ.
فإذن قد استوى أنّ الزّوال حقيقته انجذاذ اتّصال الفيضان ، لعدم الإفاضة الإبقائيّة ، المعبّر عنها في القرآن الحكيم تارة بالحفظ (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) (البقرة : ٢٥٥) وتارة بالإمساك (يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) (الفاطر : ٤٢). وأنّ لا