المتناهية وضعا منبتّة الامتداد لا محالة عند حدود مقداريّة.
وإنّما لازم ماهيّة المقدار وطباعىّ الكم المتصل ليس إلّا تصحّح قبول المساواة والمفاوتة، فعضة من الزّمان أقصر مقدارا من الزّمان كلّه ، وزمان كذا مثلا مساو أو مفاوت لزمان كذا. وكذلك بعد كذا بالقياس إلى بعد كذا إلا تصحّح إمكان الزّيادة أو التّزيّد البتة على الحاصل في الفطرة الأولى ، فمن المستحيل بالقياس الى ذات الزّمان فى حدّ نفسه أن يخلق فى الفطرة الأولى أطول مدّة ممّا خلق عليه.
وكذلك ليس من الجائزات بالذّات خلق دورة أو حركة أخرى قبل ما قد خلقت من الحركات السّماويّة بدورانها فضلا عن أدوار وحركات غيرها. أليس لا يعقل في العدم الصّريح امتداد موهوم حتّى يتصوّر وجود حركة فيه وانطباق ممتدّ عليه.
فكما الجرم الأقصى الذي لا يحتفّ به خلأ ولا ملأ تنتهى عنده الجهات والأبعاد القارّة ، ولو فرض شخص ماد يديه هناك استحال أن تذهب يده وراء سطحه المحدّد للجهات وتنبسط ، لعدم انقضاء وانتهاء الأبعاد ؛ فكذلك مقدار حركته الذي ليس وراء امتداد منقسم سيّال أو حدّه غير منقسم ، لا موجودا ولا موهوما ، تتحدّد به التّقضّيات والتّجدّدات والانبساطات والتّماديات الغير القارّة ، وهو مسبوق الوجود في الأعيان بعدمه الباتّ الصّريح وبوجود جاعله الحقّ ، ويستحيل أن يفرض شيء آخر قبله متوسّط الوجود بنيه وبين جاعله.
فإذن قد استبان : امتناع خلق دورة أو حركة أخرى قبل الأدوار والحركات المخلوقة السّماويّة ، وأنّ الامتناع ليس من جهة أنّ ذلك أمر معجوز عنه بالقياس إلى تعلّق القدرة الواجبة التّامّة السّبحانيّة ، بل إنّما من حيث إنّه مستحيل ذاتا ، والمحال بالذّات ليس في منّته أن يستأهل ذاتا متصوّرة تستطيع إلى صلوح قبول التّأثير ومتعلقيّة القدرة سبيلا. فالنّقص والعجز من جهة ذات المستحيل ، إذ لا ذات له في التّصوّر والتّوهّم ؛ لا من تلقاء قدرة القدير الحقّ تعالى عزّه.
فإذن خلق العالم بعد عدمه الصّريح ليس من حيث انتقال الخالق من عجز إلى قدرة ، ولا من حيث انتقال العالم من امتناع إلى إمكان ، ومن لا مقدوريّة إلى مقدوريّة ؛ بل إنّما من حيث قاصريّة طباع الجواز الذاتىّ عن تصحّح التّسرمد وامتناع