ثمّ استدلّ رحمهالله على مذهبه : بإجماع الفرقة وأخبارهم أنّه يجوز للأب أن يقوّم جارية ابنه الصغير على نفسه ، ثمّ يستبيح وطأها بعد ذلك.
وأيضاً روي أنّ رجلاً وصّى إلى رجلٍ في بيع فرس ، فاشتراه الوصي لنفسه ، فاستفتى عبد الله بن مسعود ، فقال : ليس له (١) ، ولم يُعرف له مخالف (٢).
إذا عرفت هذا ، فقد اختلفت الشافعيّة في صحّة بيع الوكيل من نفسه ، والوصي يبيع مال الطفل من نفسه.
فالمشهور عندهم : المنع ـ وهو إحدى الروايتين عن أحمد ـ لأنّه يستقصي لنفسه في الاسترخاص ، وغرض البائع الاستقصاء في البيع بالأكثر ، وهُما غرضان متضادّان ، فلا يتأتّى من الواحد القيام بهما.
وأيضاً فإنّ التوكيل بالبيع مطلقاً يشعر بالبيع من الغير ، والألفاظ المطلقة تُحمل على [ المفهوم ] (٣) منها في العرف الغالب.
ولأنّه تلحقه التهمة ، بخلاف الأب والجدّ ، فإنّ شفقتهما الطبيعيّة على الولد تمنعهما من التسامح معه ، فانتفت التهمة عنهما ؛ لشفقتهما عليه (٤).
ونقل عن الاصطخري من الشافعيّة أنّ للوكيل أن يبيع من نفسه ؛ لحصول الثمن الذي لو باع من غيره لحصل (٥).
__________________
(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٥٧ / ١٨٤٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٥٣٧ ، المغني ٥ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٢.
(٢) الخلاف ٣ : ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، المسألة ٩ من كتاب الوكالة.
(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « العموم ». والصحيح ما أثبتناه.
(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٥٣٧ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٥٩ ، بحر المذهب ٨ : ١٧٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٧ ، الوجيز ١ : ١٩٠ ، الوسيط ٣ : ٢٨٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٨ ، المغني ٥ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢١ ـ ٢٢٢.
(٥) بحر المذهب ٨ : ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٨.