إلاّ إذا دلّت القرينة عليه ، كما لو أمره بالبيع في سوقٍ بعيدٍ من بلدٍ آخَر يضيع الثمن بترك قبضه ، أو لا يتمكّن الموكّل من قبض الثمن ، أو يقول له : بِعْه على مَنْ كان من الغرباء ولا تصاحبه ، ففي مثل ذلك يكون مأذوناً له في القبض ، فإن دفع السلعة إلى المشتري ولم يقبض ، كان ضامناً ؛ لأنّ ظاهر حال الموكّل أنّه إنّما أمره بالبيع لتحصيل ثمنه ، ولا يرضى بتضييعه ، ولهذا يُعدّ مَنْ فَعَل ذلك مضيّعاً مفرّطاً.
وإن لم تدلّ القرينة عليه ، فإن دلّت على المنع ، لم يجز له القبض إجماعاً.
وإن لم تكن هناك قرينة تدلّ على أحدهما ، لم يملك القبض أيضاً ؛ لأنّ الوكالة بالبيع مغايرة للوكالة بالقبض ، وأحدهما غير الآخَر ، وغير دالٍّ عليه بإحدى الدلالات الثلاث ، فيكون القبض غيرَ مأذونٍ فيه ، والموكّل إنّما أذن بالبيع ، وقَبْضُ الثمن أمرٌ وراء البيع ، وليس كلّ مَنْ يرتضي للبيع يرتضي لقبض الثمن ، فقد لا يأتمنه عليه.
وأصحّهما عند الشافعيّة (١) : أنّه يملكه ؛ لأنّه من توابع البيع ومقتضياته ، فالإذن في البيع إذْنٌ فيه وإن لم يصرّح به (٢).
مسألة ٦٩٩ : إذا وكّله في البيع ، فقد قلنا : إنّه لا يملك قبض الثمن ، لكن يملك تسليم المبيع إلى المشتري إن كان في يده ـ وهو قول أكثر الشافعيّة ٣ ـ لأنّ البيع يقتضي إزالة الملك ، فيجب التسليم. ولأنّ تسليم المبيع إلى المشتري من تمامه وحقوقه.
__________________
(١) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة. والظاهر هكذا : « وهو أحد وجهي الشافعيّة ، وأصحّهما عندهم ».
(٢ و ٣) الوسيط ٣ : ٢٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٩.