مسألة ٩٥٦ : إذا ثبت صحّة الاستثناء من غير الجنس كما إذا قال : له علَيَّ ألف درهم إلاّ ثوبا ، أو : إلاّ عبداً ، وشبهه ، وجب عليه أن يبيّن قيمة الثوب والعبد بما لا يستغرق ، فإن فسّره بالمستغرق بطل التفسير ، كما لو قال : له علَيَّ ألف درهم إلاّ ثوباً وقيمته ألف درهم ؛ لأنّه رجوع ونقض لما اعترف به أوّلاً.
وهل يبطل الاستثناء؟ إشكال ينشأ من أنّه بيّن ما أراد باللفظ ، فكأنّه تلفّظ به ، ولا ريب في أنّه لو قال : له علَيَّ ألف إلاّ ألفاً ، بطل الاستثناء ، وكذا لو قال : له علَيَّ ألف إلاّ ثوباً قيمته ألف ، فكذا إذا استثنى الثوب ثمّ فسّره بالمستوعب ، فيبطل الاستثناء ، ويلزمه الألف ، ومن أنّه استثناء صحيح من جهة اللفظ ، وإنّما الخلل فيما فسّر به اللفظ ، فيقال له : هذا التفسير غير صحيحٍ ، ويُطالب بتفسيرٍ صحيحٍ.
وللشافعيّة وجهان (١) كهذين ، والأوّل أصحّ عند الجويني (٢).
مسألة ٩٥٧ : إذا قال : له علَيَّ ألف إلاّ درهماً ، فقد استثنى المعيّن من المبهم.
فإن قلنا بأنّ الاستثناء من غير الجنس باطل ، اقتضى كون الألف دراهمَ ؛ لصحّة الإقرار والاستثناء ، وإنّما يصحّان لو كانت الألف دراهمَ.
وإن قلنا بالجواز سواء كان الاستثناء من غير الجنس حقيقةً أو مجازاً ، طُولب بتفسير الألف ؛ لأنّ المجاز قد يراد خصوصاً في هذا الموضع ، فإنّ التعيين يقتضي إثبات شيء في الذمّة بالإجمال ، فإن فسّر الألف بما يساوي الدرهم أو يقلّ عنه ، بطل التفسير ؛ لاشتماله على الاستثناء المستوعب ،
__________________
(١) بحر المذهب ٨ : ٢٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٥.
(٢) الوسيط ٣ : ٣٥٥ ، الوجيز ١ : ٢٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٤٦.