الحدودُ وإثباتُها ، فإذا دخلت في التوكيل بالعموم فبالتخصيص أولى.
وقال الشافعي : لا يجوز التوكيل في إثباتها ؛ لأنّها تُدرأ بالشبهات ، وقد أُمر بإدرائها بالشبهة ، والتوكيل توصّلٌ إلى إثباتها (١).
وهو غير منافٍ لقولنا ؛ فإنّ للوكيل أن يدرأها بالشبهات.
وأمّا عقوبات الآدميّين فيجوز التوكيل في استيفائها في حضور المستحقّ إجماعاً.
وأمّا في غيبته فإنّه يجوز ذلك أيضاً عندنا ؛ للأصل.
وللشافعي فيه ثلاثة طُرق أشهرها : أنّه على قولين :
أحدهما : المنع ؛ لأنّه لا نتيقّن بقاء الاستحقاق عند الغيبة ؛ لاحتمال العفو ، ولأنّه ربما يرقّ قلبه حالة حضوره فيعفو ، فليشترط الحضور.
وأصحّهما : الجواز ـ كما قلناه ـ لأنّه حقّ يستوفى بالنيابة في الحضور ، فكذا في الغيبة ، كسائر الحقوق. واحتمال العفو كاحتمال رجوع الشهود فيما إذا ثبت بالبيّنة ، فإنّه لا يمنع الاستيفاء في [ غيبته ] (٢).
الثاني : القطع بالجواز ، وحمل المنع على الاحتياط.
الثالث : القطع بالمنع ؛ لعظم خطر الدم (٣). وبهذا الأخير قال أبو حنيفة (٤).
__________________
(١) التنبيه : ١٠٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٥٦ ، الوسيط ٣ : ٢٧٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٦ ، المغني ٥ : ٢٠٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠٧ ـ ٢٠٨.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « غيبتهم ». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه كما في « العزيز شرح الوجيز ».
(٣) بحر المذهب ٨ : ١٦٥ ، حلية العلماء ٥ : ١١٣ ـ ١١٤ ، البيان ٦ : ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٦.
(٤) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٢٨ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ١٣٦ ،