وقال بعض الشافعيّة : إنّ قوله : « أبرأتني عنه » ليس بإقرارٍ ؛ لقوله تعالى : ( فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمّا قالُوا ) (١) [ و ] (٢) تبرئته عن عيب الأُدْرَة (٣) لا تقتضي إثباته له (٤).
ولو قال : أقررت بأنّك أبرأتني ، أو : استوفيت منّي ، لم يكن إقراراً. ولو قال في الجواب : لعلّ ، أو : عسى ، أو : أظنّ ، أو : أحسب ، أو : أقدر ، أو : أتوهّم ، لم يكن مُقرّاً.
مسألة ٨٣٦ : اللفظ قد يكون صريحاً في التصديق وتنضمّ إليه قرائن تصرفه عن موضوعه إلى الاستهزاء والتكذيب ، ومن جملتها : الأداء ، والإبراء ، وتحريك اللسان (٥) الدالّ على شدّة التعجّب والإنكار ، فعلى هذا يُحمل قوله : « صدقت » وما في معناه على هذه الحالة ، فلا يكون إقراراً.
فإن وُجدت القرائن الدالّة على الإقرار ، حُكم به ، وإن وُجدت القرائن الدالّة على غيره ، حُكم بعدم الإقرار.
ولو قال : لي عليك ألف ، فقال في الجواب : لك علَيَّ ألف ، على سبيل الاستهزاء ، لم يكن إقراراً.
وحكى أبو سعيد المتولّي من الشافعيّة أنّ فيه وجهين (٦).
مسألة ٨٣٧ : لو قال : أليس لي عليك ألف؟ فقال : بلى ، كان مُقرّا ، ولزمه الألف ؛ لأنّه تصديق للإيجاب المناقض للنفي ؛ لقوله تعالى : ( أَلَسْتُ
__________________
(١) الأحزاب : ٦٩.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز ».
(٣) الأُدْرَة : انتفاخ الخصية. لسان العرب ٤ : ١٥ « أدر ».
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١.
(٥) كذا قوله : « اللسان ». والظاهر : « الرأس » بدل « اللسان ».
(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢.