وهو غلط ؛ لأنّا نجري الجزيل مجرى العظيم.
والأصل في ذلك أنّه ليس في العظيم حدٌّ في الشرع ولا في اللغة ولا في العرف ، والناس يختلفون في ذلك ، فبعضهم يستعظم القليل ، وبعضهم لا يستعظم الكثير ، فلم يثبت في ذلك حدٌّ يرجع إليه ، ولا في اللغة ولا في العرف قانون يُعوَّل عليه ، فيرجع إلى تفسيره وبيانه ؛ لأنّه أعرف بمراده.
مسألة ٨٩٦ : لو قال : له علَيَّ مالٌ كثير ، قال الشيخ رحمهالله : إنّه يلزمه ثمانون ؛ بناءً على الرواية التي تضمّنت أنّ الوصيّة بالمال الكثير وصيّة بثمانين (١) ، ولم يعرف هذا التفسيرَ أحدٌ من الفقهاء (٢).
وقد عرفتَ قولهم في العظيم ، وكذا في الكثير عندهم.
وقال الليث بن سعد : يلزمه اثنان وسبعون درهماً ؛ لأنّ الله تعالى قال : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ) (٣) وكانت غزواته صلىاللهعليهوآلهوسلم وسراياه اثنين وسبعين (٤).
وهو غلط ؛ لأنّ ذلك ليس بحدٍّ لأقلّ الكثير ، وإنّما وصف ذلك بالكثرة ، ولا يمنع ذلك وقوع الاسم على ما دون ذلك ، وقد قال الله تعالى :
( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً ) (٥) وليس المراد ما ذكره ، وكذا قوله
__________________
(١) راجع الكافي ٧ : ٤٦٣ ـ ٤٦٤ / ٢١ ، ومعاني الأخبار : ٢١٨ ( باب معنى الكثير من المال ) ح ١ ، والتهذيب ٨ : ٣٠٩ / ١١٤٧.
(٢) الخلاف ٣ : ٣٥٩ ، المسألة ١ من كتاب الإقرار.
(٣) التوبة : ٢٥.
(٤) الحاوي الكبير ٧ : ١٣ و ١٤ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤١ ، المغني ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.
(٥) البقرة : ٢٤٩.