بخلاف ما لو مات أحد الوصيّين حيث قال بعضهم بأنّ الحاكم يضيف إلى الوصي أميناً ليتصرّفا ؛ لكون الحاكم له النظر في حقّ الميّت واليتيم ، ولهذا لو لم يوص إلى أحدٍ أقام الحاكم أميناً في النظر لليتيم (١).
فإن حضر أحد الوكيلين والآخَر غائب وادّعى الوكالة لهما وأقام البيّنة ، سمعها الحاكم ، وحَكَم بثبوت الوكالة لهما ، ولم يملك الحاضر التصرّف وحده ، فإذا حضر الآخَر تصرّفا معاً ، ولا يحتاج إلى إعادة البيّنة ؛ لأنّ الحاكم سمعها لهما مرّةً.
لا يقال : هذا حكم للغائب.
لأنّا نقول : الأصل الحكم للحاضر ، وأمّا الغائب فدخل ضمناً ، كما أنّه يحكم للوقف الذي ثبت لمن يخلق بَعْدُ لأجل مَنْ يستحقّه في الحال ، فكذا هنا.
ولو جحد الغائب الوكالة أو عزل نفسه ، لم يكن للآخَر أن يتصرّف ، ولا نعلم فيه خلافاً. وجميع التصرّفات في هذا سواء.
وقال أبو حنيفة : إذا وكّلهما في خصومةٍ ، فلكلّ واحدٍ منهما الانفراد بها (٢).
وليس بجيّدٍ ؛ لأنّه لم يرض بتصرّف أحدهما ، فأشبه البيع والشراء.
مسألة ٧٣٥ : إذا وكّل الرجل وكيلاً بحضرة الحاكم في خصوماته واستيفاء حقوقه ، صحّت الوكالة ، فإذا قدّم الوكيل خصماً لموكّله بعد ذلك إلى الحاكم ، حَكَم الحاكم بعلمه عندنا ـ وهو أحد قولَي الشافعيّة (٣) ـ فيسمع
__________________
(١) المغني ٥ : ٢١٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٠.
(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٣٢ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ١٤٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٦٣ ، الفقه النافع ٣ : ١٢٤٠ / ٩٩٤ ، المغني ٥ : ٢١٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢١.
(٣) مختصر المزني : ٣٠٢ ، الأحكام السلطانيّة ـ للماوردي ـ : ٧٠ ، الحاوي الكبير ١٦ : ٣٢١ ، الإقناع في الفقه الشافعي : ١٩٦ ، التنبيه : ٢٥٥ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٣٠٤ ، الوسيط ٧ : ٣٠٨ ، الوجيز ٢ : ٢٤١ ، حلية العلماء ٨ : ١٤٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٨ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ١٢ : ٤٨٦ ، أدب القضاء ـ لابن أبي الدم ـ : ٩٤ و ١٠٥ ، روضة الطالبين ٨ : ١٤١ ، منهاج الطالبين : ٣٣٩.