وإن ذكره منفصلاً ، احتُمل قويّاً القبول ؛ حملاً لكلامه على نقد البلد ، لأنّ للعرف أثراً بيّناً في تقييد الألفاظ ، حتى أنّه لو طرأ على اللغة أو الشرع كان الحمل عليه متعيّناً ، وصار كما في المعاملات ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.
والثاني : لا يُقبل ، ويُحمل مطلق إقراره على وزن الإسلام ، كما أنّ نُصُب الزكاة لا تختلف باختلاف البلدان (١).
والفرق ظاهر.
وكذا الخلاف فيما إذا أقرّ في بلدٍ وزنُ دراهمه أكثر من وزن دراهم الإسلام ، احتُمل حمل إقراره على دراهم البلد وعلى دراهم الإسلام.
فإن قلنا بالأوّل فلو قال : « عنيت دراهم الإسلام » منفصلاً ، لم يُقبل.
ولو قال متّصلاً ، فالأقرب : القبول.
وللشافعيّة وجهان ، هذا أصحّهما (٢).
مسألة ٩٠٨ : ولا فرق بين أن يُقرّ بمائة درهم ويسكت ثمّ يقول : ناقصة ، أو صغار وهي دَيْن ، أو يقول : هي وديعة ، أو غصب ، وبه قال الشافعي (٣).
وقال أبو حنيفة : في الغصب والوديعة يُقبل ؛ لأنّه أقرّ بفعلٍ في عينٍ ، وذلك لا يقتضي سلامتها ، فأشبه ما لو أقرّ بغصب عبدٍ ثمّ جاء به معيباً (٤).
وهو ممنوع ؛ لأنّ إطلاق الاسم يقتضي الوازنة الجياد ، فلم يُقبل
__________________
(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣.
(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٦١ ـ ٦٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٣٥١ ، البيان ١٣ : ٤١٦.
(٤) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٠١ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٨ : ١٣ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٢ ، البيان ١٣ : ٤١٦ ، المغني ٥ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٣١٤.