وقال بعضهم : لا بدّ من أن يبيّن للوكيل قدر الدَّيْن وجنسه (١).
والمعتمد : الأوّل ؛ لأصالة صحّة الوكالة.
أمّا لو قال : بِعْ عبدي بما باع به فلان فرسه ، اشتُرط في صحّة البيع عِلْمُ الوكيل ؛ لأنّ العهدة تتعلّق به ، فلا بدّ أن يكون على بصيرةٍ من الأمر ، ولا عهدة في الإبراء.
ولو كان الموكّل جاهلاً بما باع به فلان فرسه ، لم يضر.
واشترط بعضهم العلم بما يقع الإبراء منه (٢).
وأصل الخلاف : إنّ الإبراء هل هو محض إسقاط ، أو تمليك؟ إن قلنا : إسقاط ، صحّ مع جَهْل مَنْ عليه الحقّ بمبلغ الحقّ. وإن قلنا : تمليك ، فلا بدّ من علمه ، كما أنّه لا بدّ من علم المتّهب بما يوهب منه (٣).
ولو قال : وكّلتُك في أن تُبرئه من الدَّيْن الذي لي عليه ، ولم يعلم الموكّل قدره ولا الوكيل ، صحّ أيضاً عندنا.
ولو وكّله في الإبراء من شيء ، وأطلق ، لم يكن للوكيل التعيين ، بل يُبرئه من شيء مبهم ، ويُحمل على أقلّ ما يتموّل ؛ لأنّه المتيقّن بالإسقاط ، والزائد عليه ثابت في الذمّة ، فلا يزول عنها إلاّ بمزيل.
ولو قال : وكّلتُك في أن تُبرئه ممّا شئت ، أو ممّا شاء ، فالوجه : الصحّة ، ويرجع في القدر إلى مشيئته أو مشيئة الغريم.
ولو وكّله بأن قال : ابرئ فلاناً عن دَيْني ، اقتضى ذلك أن يُبرئه من الجميع. ولو قال : عن شيء منه ، أبرأه عن أقلّ ما يتموّل.
__________________
(١) الحاوي الكبير ٦ : ٥١٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢١١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٩.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٩.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٩.