وإن كذّبه في دعوى الإرادة وقال : إنّما أراد ما ادّعيتُه ، حلف المُقرّ على نفي الإرادة ونفي ما يدّعيه. ثمّ إنّ المُقرّ له إن كذّبه في استحقاق المُقرّ به ، بطل الإقرار فيه ، وإلاّ ثبت.
ولو اقتصر المُقرّ له على دعوى الإرادة وقال : ما أردتَ بكلامك ما فسّرتَه به وإنّما أردتَ كذا إمّا من جنس المُقرّ به أو من غيره ، لم يُسمع منه ذلك ؛ لأنّ الإقرار والإرادة لا يُثبتان له حقّاً ، بل الإقرار إخبار عن حقٍّ سابق ، فعليه أن يدّعي الحقّ بنفسه.
وللشافعيّة وجهٌ آخَر ضعيف عندهم : أنّه تُقبل دعوى الإرادة المجرّدة (١).
وهو كالخلاف في أنّ مَن ادّعى على غيره أنّه أقرّ له بألف هل تُسمع منه دعوى الإقرار ، أم عليه [ دعوى ] (٢) نفس الألف؟
واعلم أنّ مَنْ لا يسمع دعوى الإرادة لا يريد عدم الالتفات إليها أصلاً ، وإنّما المراد أنّها وحدها غير مسموعة ، فأمّا إذا ضمّ إليها دعوى الاستحقاق ، فيحلف المُقرّ على نفيهما على الأظهر.
وللشافعيّة في البيع وجهان : إنّه إذا ادّعى المشتري عيباً قديماً بالمبيع ، وقال البائع : بعتُه وأقبضتُه سليماً ، يلزمه أن يحلف كذلك ، أو يكفيه الاقتصار على أنّه لا يستحقّ الردّ؟ فيجيء لهم هنا وجه : أنّه يكفيه نفي اللزوم ، ولا يحتاج إلى التعرّض للإرادة (٣).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥.