يأخذ منه قدر ما دفعه ثمناً إلى البائع ؛ لأنّ المشتري إن كان كاذباً فجميع كسبه له ؛ لأنّه مملوكه ، وإن كان صادقاً فالكسب للبائع إرثاً بالولاء ، وهو قد ظلمه بأخذ الثمن وتعذّر استرداده ، فإذا ظفر بماله كان له أن يأخذ منه حقّه ، وهو قول المزني (١).
وظاهر مذهب الشافعي أنّه يوقف المال بأسره ، كما كان الولاء موقوفاً (٢).
واضطرب أصحابه.
فقال بعضهم : قول المزني خطأ ؛ لأنّ المشتري لو أخذ شيئاً فإمّا أن يأخذ بجهة أنّه كسب مملوكه ، وقد بانَ أنّه حُرٌّ بإقراره ، أو بجهة الظفر بمال ظالمه ، وهو ممتنع ؛ لأنّه إنّما بذله فداءً تقرّباً إلى الله تعالى باستنقاذ حُرٍّ ، فيكون سبيلُه سبيل الصدقات ، والصدقات لا يرجع فيها ، ولأنّه لا يدري أنّه يأخذ بجهة الملك ، أو بجهة الظفر بمال ظالمه ، فيمنع من الأخذ إلى ظهور جهته (٣).
وأكثر الشافعيّة على ما قال المزني (٤).
وقال جماعة منهم : إنّ الشافعي ذكر ما قاله المزني أيضاً ، وإنّما حَكَم بوقف الزائد على الثمن وقف الولاء ، وأمّا المستحقّ بكلّ حالٍ فلا معنى للوقف فيه ، ويجوز الرجوع في المبذول فيه على جهة الفدية والدية ، كما لو فدى أسيراً في يد المشركين ثمّ استولى المسلمون على بلادهم ووجد الباذل عين ماله ، أخذه. واختلاف الجهة لا يمنع الأخذ بعد الاتّفاق على أصل الاستحقاق ، كما لو قال : لي عليك ألف ضمنته ، فقال : ما ضمنت
__________________
(١ ـ ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩.