وإن لم تكن بيّنةٌ ، فإن صدّقه الغريم في دعوى الوكالة ، فإن كانت الدعوى عيناً ، لم يؤمر بالتسليم إليه ؛ لجواز كذبهما معاً ، ولصاحب العين تكذيبهما معاً ، لكن لو دفع لم يمنع منه أيضاً ؛ لأنّه إذا علم أنّه وكيله ، جاز له الدفع إليه.
وإن كان (١) دَيْناً ، احتُمل وجوب الدفع إليه ؛ لاعترافه بأنّه مستحقٌّ للمطالبة.
والفرق (٢) بين الدَّيْن والعين ظاهر ، فإنّ المدفوع في الدَّيْن ليس عين مال الموكّل ، وأمّا العين فإنّها عين مال الغير ، ولم يثبت عند الحاكم أنّه وكيل ، فلم يكن له أمره بالدفع.
قال (٣) بعض الشافعيّة : إن كان هناك بيّنة تثبت الوكالة ، وإن لم تكن فإنّه لا يجب على مَنْ عليه الدَّيْن تسليمه إليه ، سواء صدّقه أو كذّبه ، فإذا كذّبه لم يكن له إحلافه.
ثمّ قال : والذي يجيء على أصلنا أنّه لا تُسمع دعواه عليه ؛ لأنّ عندنا أنّ الوكيل في الخصومة لا يصحّ أن يدّعي قبل ثبوت وكالته (٤).
وقال أبو حنيفة : إذا صدّقه ، وجب عليه تسليم الدَّيْن.
وله في تسليم العين روايتان ، أشهرهما : إنّه لا يجب عليه تسليمها.
وإن كذّبه ، كان له إحلافه.
وعنده لا تُسمع بيّنة الوكيل إلاّ بعد الدعوى.
__________________
(١) تذكير الفعل باعتبار الحقّ.
(٢) في النسخ الخطّيّة : « وفرق ».
(٣) في « ث ، ر ، خ » : « وقال ».
(٤) بحر المذهب ٨ : ٢٠٤.