اتّخذت بطانة من دون المؤمنين وقد قال الله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً ) (١) (٢) أي : لا يقصّرون في فساد أموركم.
وينبغي أن يكون بصيرا بالأمور عارفا بمواقع أداء الرسالة.
وإذا أرسل الأمير رسولا مسلما فذهب الرسول إلى أمير المشركين فبلّغه الرسالة ، ثمّ قال له : إنّي أرسل على لساني إليك الأمان ولأهل ملّتك فافتح الباب ، ثمّ ناوله كتابا صنعه على لسان الأمير وقرأه بمحضر من المسلمين ، فلمّا فتحوا ودخل المسلمون وشرعوا في السبي ، فقال لهم أمير المشركين : إنّ رسولكم أخبرنا (٣) أنّ أميركم أمّننا ، وشهد أولئك المسلمون على مقالته ، كانوا آمنين ، ولم يجز سبيهم ، لعسر التمييز بين الحقّ والاحتيال في حقّ المبعوث إليه ، إذا الاعتماد على خبره ، فيجعل كأنّه صدق بعد ما تثبت رسالته ، لئلاّ يؤدّي إلى الغرور في حقّهم وهو حرام.
مسألة ٥١ : لو أرسل الأمير إليهم من يخبرهم بأمانة ثمّ رجع الرسول فأخبره بأداء الرسالة ، فهم آمنون وإن لم يعلم المسلمون التبليغ ، لأنّ البناء إنّما هو على الظاهر فيما لا يمكن الوقوف على حقيقته ، ولأنّ قول الرسول يحتمل الصدق ، فتثبت شبهة التبليغ.
ولو كتب من ليس برسول كتابا فيه أمانهم وقرأه عليهم وقال : إنّي رسول الأمير إليكم ، لم يكن أمانا من جهته ، لأنّه ليس للواحد من
__________________
(١) آل عمران : ١١٨.
(٢) انظر : أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٢ : ٣٧ ، وأحكام القرآن ـ للكيا الهراسي ـ ٢ : ٣٠٤ ، والجامع لأحكام القرآن ٤ : ١٧٩.
(٣) في « ق » : خبّرنا.