الأولى ، لأنّ في اشتراط فتح الباب دلالة على أنّ الذين يتناولهم (١) الأمان غير مقرّين بالسكنى في الحصن ، وإنّما تدخل الأموال في الأمان ، لأنّ التمكّن من المقام يكون بالأموال ، وإذا انعدم السكنى لم تدخل الأموال في الأمان.
ولو قال : اعقدوا لي الأمان على أن تدخلوا فيه فتصلّوا ، دخل الأموال في الأمان ، لأنّ فيه تصريحا بفائدة فتح الباب ، وهو الصلاة فيه دون إزعاج أهله ، وقد يرغب المسلمون في الصلاة في ذلك المكان إمّا لينتقل الخبر بأنّ المسلمين صلّوا جماعة في الحصن الفلاني فيدخل الرعب في قلوب باقي المشركين ، أو ليكونوا قد عبدوا الله في مكان لم يعبده في ذلك المكان أهله ، ومكان العبادة شاهدة للمؤمن يوم القيامة.
ولو قال : أمّنوني على قلعتي أو مدينتي ، فأمّنوه ، دخل المال والأنفس فيه وإن كان تنصيص الأمان إنّما هو عليهما لا غير ، لأنّ المقصود من هذا الأمان بقاء القلعة والمدينة على ما كانتا عليه عرفا ويكون هو المتصرّف والمتغلّب ، وليس غرضه إبقاء عين القلعة أو المدينة مع إفناء أهلهما ونهب الأموال.
ولو قال : أمّنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن ، فهو آمن على ما طلب ، ويكون الباقي فيئا. ولو لم يف ماله بالألف ، لم يكن له زيادة على ماله. ولو لم يكن له دراهم ولكنّه كان له عروض ، أعطى من ذلك ما يساوي ألفا ، لأنّه شرط في الأمان جزءا من ماله والأموال كلّها جنس واحد في صفة الماليّة.
أمّا لو قال : أمنّوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن ، فهو آمن على ما طلب ، ويكون الباقي فيئا. ولو لم يف ما له بالألف ، لم يكن له زيادة على ما له. ولو لم يكن له دراهم ولكنّه كان له عروض ، أعطى من ذلك ما يساوي ألفا ، لأنّه شرط في الأمان جزءا من ماله والأموال كلّها جنس واحد في صفة الماليّة.
أمّا لو قال : عليّ ألف درهم من دراهمي ، ولا دراهم له ، كان لغوا ، لأنّه شرط جزءا من دراهمه ولا دراهم له ، فلا يصادف الأمان محلاّ ، فيكون لغوا.
__________________
(١) في « ق ، ك » : تناولهم.