من حجّة التطوّع مع أنّه عبادة فيكون منعهما من المباح أولى ، وعدمه ، لأنّه بامتناعه ينقطع عن معاشه ويضطرب أمره.
والأقرب : أنّ الأب الكافر كالمسلم في هذه الأسفار ، بخلاف سفر الجهاد [ ولا فرق بين الحرّ ] (١) والرقيق ، لشمول معنى البرّ والشفقة.
ز ـ لو خرج للجهاد بإذن صاحب الدّين أو الأبوين ثمّ رجعوا أو كان الأبوان كافرين فأسلما بعد خروجه من غير إذن وعلم بالحال ، فإن لم يشرع في القتال ولم يحضر الرفقة (٢) بعد ، فإنّه ينصرف إلاّ إذا خاف على نفسه أو ماله أو خاف من انصرافه كسر المسلمين.
ولو لم يمكنه الانصراف ، للخوف وأمكنه الإقامة في قرية في الطريق إلى أن يرجع جيش المسلمين ، لزمه أن يقيم ، لأنّ غرض الراجعين عن الإذن أن لا يقاتل ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : عدم الوجوب ، لما يناله من وحشة مفارقة الرفقة وإبطال أهبة الجهاد عليه (٣).
ولو كان الرجوع بعد الشروع في القتال ، احتمل وجوب الرجوع ، لأنّ حقّ الراجعين عن الإذن أولى بالرعاية ، لأنّه فرض عين والجهاد فرض كفاية ، ولأنّ حقّهم أسبق ، ولأنّ حقّ الآدمي مبني على المضايقة ، فهو أولى بالمحافظة ، وعدمه ، لوجوب الثبات على من حضر القتال ، لقوله تعالى : ( إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ) (٤) ولأنّه ربما يكسر قلوب المسلمين ويشوّش الجهاد.
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) كذا ، ولعلّها : ولم يحضر الوقعة. كما يأتي نظيرها.
(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤١٥.
(٤) الأنفال : ٤٥.