ومالك (١) وأحمد (٢) ـ لعموم الأمر بالحدّ والقصاص. ولأنّ المقتضي لإيجاب القصاص موجود ، والمانع من التقديم ـ وهو خوف اللحاق بالعدوّ ـ مفقود. ولأنّ كلّ موضع حرم فيه الزنا وجب فيه حدّ الزنا ، كدار الإسلام.
وقال أبو حنيفة : لا يجب عليه القصاص ولا الحدّ إلاّ أن يكون معه إمام أو نائب عن الإمام ، لأنّه مع غيبة الإمام ونائبه لا يد للإمام عليه ، فلا يجب عليه الحدّ بالزنا ، كالحربيّ (٣).
ونمنع من ثبوت حكم الأصل ، ويفرق بأنّ الحربيّ غير ملتزم بأحكام الإسلام ، بخلاف المسلم.
مسألة ١٥١ : المشركون لا يملكون أموال المسلمين بالاستغنام ، فلو غنموا ثمّ ظفر بهم المسلمون فأخذوا منهم ما كانوا أخذوا منهم ، فإنّ الأولاد تردّ إليهم بعد إقامة البيّنة ، ولا يسترقّون إجماعا.
وأمّا العبيد والأموال : فإن أقام أربابها البيّنة بها قبل القسمة ، ردّت عليهم بأعيانها ، ولا يغرم الإمام للمقاتلة شيئا في قول عامّة أهل العلم (٤) ، خلافا للزهري وعمرو بن دينار ، فإنّهما احتجّا : بأنّ الكفّار ملكوه باستيلائهم فصار غنيمة ، كسائر أموالهم (٥).
وهو خطأ ، فإنّا بيّنّا أن الكفّار لا يملكون مال المسلم بالاستغنام.
وإن جاءوا بالبيّنة بعد القسمة ، فلعلمائنا قولان :
أحدهما : أنّه يردّ على أربابه ، ويرد الإمام قيمة ذلك للمقاتلة من
__________________
(١) في « ق ، ك » : وبه قال مالك والشافعي.
(٢) مختصر المزني : ٢٧٢ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢١٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤٢ ، حلية العلماء ٧ : ٦٧١.
(٣) الحاوي الكبير ١٤ : ٢١٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦٧١.
(٤ و ٥) المغني ١٠ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٦٩.