ولا خلاف بين المسلمين في ذلك.
مسألة ٤٤ : إنّما يجوز عقد الأمان مع اعتبار المصلحة ، فلو اقتضت المصلحة ترك الأمان وأن لا يجابوا إليه ، لم يفعل ، لأنّه مصلحة في بعض الأحوال ومكيدة من مكايد القتال في المبارزة ، فإذا لم تكن مصلحة ، لم يجز فعله ، وسواء في ذلك عقد الأمان لمشرك واحد أو لجماعة كثيرة ، فإنّه جائز مع المصلحة إجماعا.
ومن طلب الأمان من الكفّار ليسمع كلام الله ويعرف شرائع الإسلام ، وجب أن يعطى أمانا ثم يردّ إلى مأمنه ، للآية (١).
ويجوز أن يعقد الأمان لرسول المشركين وللمستأمن ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يؤمن رسل المشركين (٢). ولأنّ الحاجة تدعو إلى المراسلة ، ولو قتلوا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت المصلحة.
ولا تقدّر مدّة العقد لهما بقدر ، بل يجوز مطلقا ومقيّدا بزمان طويل أو قصير نظرا إلى المصلحة.
مسألة ٤٥ : يجوز للإمام عقد الصلح إجماعا ، لأنّ أمور الحرب موكولة إليه كما كانت موكولة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن رأى المصلحة في عقده لواحد ، فعل ، وكذا لأهل حصن أو قرية أو بلد أو إقليم ولجميع الكفّار بحسب المصلحة ، لعموم ولايته ، ولا نعلم فيه خلافا.
__________________
(١) التوبة : ٦.
(٢) سنن أبي داود ٣ : ٨٣ ـ ٨٤ ـ ٢٧٦١ و ٢٧٦٢ ، سنن البيهقي ٩ : ٢١١ ، المغني ١٠ : ٤٢٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٥٣.