وكذا لو حاصرهم العدوّ فباشر حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروا وغنموه إذا كانوا مشتركين في المعونة لهم والحفظ للمدينة وأهلها ، فإن كان الذين هزموا العدوّ قد لقوه (١) على ثمان فراسخ من المدينة فقاتلوه وغنموه ، كانت الغنيمة لهم دون من كان في المدينة ، الذين لم يعاونوهم خارجها.
مسألة ١٤٩ : اختلف علماؤنا في أولويّة موضع القسمة ، فقال الشيخ : تستحبّ القسمة في أرض العدوّ ، ويكره تأخيرها إلاّ لعذر من خوف المشركين أو الكمين (٢) في الطريق أو قلّة علف أو انقطاع ميرة (٣).
وقال ابن الجنيد : الاختيار إلينا أن لا نقسّم إلاّ بعد الخروج من دار الحرب.
وبجواز القسمة في دار الحرب قال مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر (٤) ، لما رواه العامّة عن أبي إسحاق الفزاري (٥) ، قال : قلت للأوزاعي : هل قسّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا من الغنائم بالمدينة؟ قال : لا أعلمه إنّما كان الناس يبيعون (٦) غنائمهم ويقسّمونها في أرض عدوّهم ،
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : قد لحقوه.
(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : التمكن. وهو تصحيف. وما أثبتناه من المصدر.
(٣) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٣٥.
(٤) المدوّنة الكبرى ٢ : ١٢ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٣ : ١٧٦ ، الامّ ٤ : ١٤٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤٥ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٦٣.
(٥) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : الرازي. وهو تصحيف. وما أثبتناه هو الموافق لما في المصادر الفقهيّة والرجاليّة. انظر : المغني ١٠ : ٤٥٩ ، والشرح الكبير ١٠ :
٤٧٩ ، وتاريخ مدينة دمشق ٧ : ١١٩ ـ ٤٩١ ، وتهذيب الكمال ٢ : ٢٠٩ ـ ٢٦ ، و ٣٣ :
٣١ ، وسير أعلام النبلاء ٨ : ٥٣٩ ـ ١٤٢ ، ومعجم الأدباء ١ : ٢٠٩.
(٦) كذا ، وفي المغني : يتبعون. وفي الشرح الكبير : يبتغون.