مسألة ٢٣ : إذا خرج الإمام بالنفير ، عقد الرايات ، فجعل كلّ فريق تحت راية ، وجعل لكلّ من تابعه شعارا يتميّز به عندهم حتى لا يقتل بعضهم بعضا بيانا ، ويدخل دار الحرب بجماعته ، لأنّه أحوط وأهيب ، وأن ينتظر الضعفاء فيسير على مسيرهم إلاّ مع الحاجة إلى قوّة السير ، ويدعو عند التقاء الصفّين ، ويكبّر من غير إسراف من رفع الصوت ، وأن يحرّض الناس على القتال وعلى الصبر والثبات.
ولو تجدّد عذر أحد معه ، فإن كان لمرض في نفسه ، كان له الانصراف وإن كان بعد التقاء الصفين ، لعدم تمكّنه من القتال ، وإن كان لغير مرض ، كرجوع صاحب الدّين أو أحد الأبوين ، فإن كان بعد التقاء الصفّين ، لم يجز الانصراف ، وإن كان قبله ، جاز.
ولا ينبغي له أن يقتل أباه الكافر بل يتوقّاه ، لقوله تعالى : ( وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً ) (١) إلاّ أن يسبّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ أبا عبيدة قتل أباه حين سبّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا قال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لم قتلته؟ » قال : سمعته يسبّك. فسكت عنه (٢).
ولا يميل الأمير مع موافقة في المذهب والنسب على مخالفه فيهما ، لئلاّ يكسر قلوب غيرهم فيخذلونه عند الحاجة.
وينبغي أن يستشير بأصحاب الرأي من أصحابه ، للاية (٣).
ويتخيّر لأصحابه المنازل الجيّدة وموارد المياه ومواضع العشب.
__________________
(١) لقمان : ١٥.
(٢) الحاوي الكبير ١٤ : ١٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠.
(٣) آل عمران : ١٥٩.