وقال أبو حنيفة : يجوز استعمال أسلحتهم (١).
ولو جمعت الغنائم وثبتت يد المسلمين عليها وفيها طعام أو (٢) علف ، لم يجز لأحد أخذه إلاّ لضرورة ، لأنّا أبحنا له الأخذ قبل استيلاء يد المسلمين عليها مع الضرورة ، فبعد الاستيلاء أولى. ولأنّ الغانمين ملكوها بالحيازة ، فخرجت عن المباحات ، فلا يجوز الأكل منها إلاّ أن لا يجد غيره ، لأنّ حفظ النفس واجب ، سواء حيزت في دار الحرب أو دار الإسلام.
وقال بعض العامّة : إن حيزت في دار الحرب ، جاز الأكل ، كما جاز قبل الحيازة ، لأنّ دار الحرب مظنّة الحاجة (٣).
وهو غلط ، لأنّ المسلمين ملكوه ، فلا يباح أخذه إلا بإذن. ولأنّ الحيازة في دار الحرب تثبت الملك ، كالحيازة في دار الإسلام ، ولهذا جاز قسمته ، وتثبت فيه أحكام الملك.
مسألة ٧٩ : لو فضل معه من الطعام فضلة فأدخله دار الإسلام ، ردّه إلى المغنم وإن قلّ ، فإن كانت الغنيمة لم تقسّم ، ردّ في المغنم ، وإن قسّمت ، ردّه إلى الإمام ، فإن أمكن تفريقه كالغنيمة ، فرّق ، وإن لم يمكن ، لتفرّق الغانمين وقلّة ذلك ، احتمل جعله في المصالح.
ولا خلاف في وجوب ردّ الكثير ، لأنّ المباح أخذ ما يحتاج إليه في دار الحرب ، فالفاضل غير محتاج إليه ، فيردّ.
__________________
(١) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٢ : ١٤٤ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٤ ، شرح معاني الآثار ٣ : ٢٥١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٩.
(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجرية : « و » بدل « أو ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.
(٣) المغني ١٠ : ٤٩١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٦٦ ـ ٤٦٧.