ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) (١) ثمّ لمّا قويت شوكة الإسلام أذن الله تعالى في قتال من يقاتل ، فقال ( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ) (٢) ثمّ أباح ابتداء القتال في غير الأشهر الحرم ثمّ أمر به من غير شرط في حقّ من لا يرى حرمة للحرم والأشهر الحرم بقوله تعالى ( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) (٣).
وكان فرض الجهاد في المدينة على الكفاية في ابتداء الوجوب عندنا ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : أنّه كان فرض عين (٤).
وأمّا بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فالكفّار إن كانوا قاطنين في بلادهم غير قاصدين لقتال المسلمين ، فالجهاد لهم فرض كفاية لا فرض عين ، وإلاّ لتعطّلت المعايش.
والكفاية تحصل بشيئين :
أحدهما : أن يبعث الإمام في كلّ ثغر جماعة يقومون بحرب من بإزائهم من الكفّار ويحصل بهم القصد من امتناع دخولهم إلينا ، وينبغي أن يحتاط بأحكام الحصون وحفر الخنادق ونحوها ويرتّب في كلّ ناحية أميرا قيّما بأمور الجهاد وحراسة المسلمين.
والثاني : أن يدخل (٥) دار الكفّار غازيا بنفسه أو يبعث جيشا يؤمّر عليهم من فيه كفاية ، اقتداء برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث كان يبعث السرايا
__________________
(١) آل عمران : ١٨٦.
(٢) البقرة : ١٩٠.
(٣) البقرة : ١٩١.
(٤) الحاوي الكبير ١٤ : ١١٠ و ١١١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٤٤ ، منهاج الطالبين : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٤١٠.
(٥) أي الإمام.