سواء كانت في اتّصال واحد أو في اتصالات متكثّرة ، أىّ تكثّر كان [٣٣ ب].
فإذن ، هيولى عالم أسطقسات الكون والفساد ، من مركز العالم إلى مقعّر فلك القمر، شخص واحد مخالف الحقيقة النّوعيّة لسائر الهيوليّات مستمرّ الوجود والتشخّص في أطوار اتّصالات الصّورة الجرمانيّة وانفصالاتها واختلافات الصّور الطّبيعيّة وانقلاباتها أبدا. أليس أنّ كثرة أمواج البحر واختلاف ألوان المياه الّتي هي أجزاؤه لا تستوجب افتراز البحر عن الوحدة الّتي لذاته.
فالهيولى الّتي مقرّها جوف فلك القمر أمر واحد بالشّخص ، كالبحر الّذي هو واحد بلحاظ ذاته ، والعناصر والحوادث اليوميّة ، كالأمواج والألوان. فكما البحر لا يفترز بكثرة الأمواج والألوان عن وحدة الذّات ، فكذلك هيولى العناصر لا يفترز بكثرة الصّور العنصريّة من الأسطقسات والمواليد عن وحدتها الشّخصيّة المخصوصة بها.
ولعلّ التّعبير عن الهيولى بالبحر من أسرار التّنزيل الكريم في بعض متشابهات القرآن الحكيم. وكذلك هيوليات الأفلاك أشخاص مختلفة بالنوع متهيّئة لقبول الاتّصال والانفصال، وإن كانت الصّور النّوعيّة الفلكيّة قد استوجبت لزوم الوحدة الاتّصاليّة المساوقة لوحدة الصّورة الجرميّة بالشّخص.
إيماض
(٢٧ ـ تألّف الجسم انضماميّ لا اتحاديّ)
أليس انعدام الشّيء ببعض أجزائه دون بعض إنّما يتصوّر في المركّبات الخارجيّة ، لا في الماهيّات البسيطة بحسب الأعيان وإن كان تحصّلها في لحاظ التعيّن والإبهام من جوهريّاتها بطبائعها المرسلة المحمولة. أمّا لديك من المنصرح : أنّ طبائع المقوّمات المحمولة متّحدة جعلا وتقرّرا ، فكيف تتفارز بالبقاء والزوال في الماهيّة البسيطة. وقد انصرح : أنّ الهيولى الشخصيّة تبقى مع طروء الانفصال وتزول الشّخصيّة الجرمانيّة.
فإذن ، تألّف الجسم منهما انضمامىّ بوجود الصّورة في الهيولى في الأعيان ، لا تركيب اتّحاديّ في العقل. فهما مادّة وصورة خارجيّتان للجسم ، لا جنس وفصل له. ووجود الصّورة الشّخصيّة الجرمانيّة في ذاتها هو [٣٤ ظ] بعينه وجودها في الهيولى. فلا محالة عدمها عنها هو بعينه عدمها في ذاتها.