قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مصنّفات ميرداماد [ ج ١ ]

مصنّفات ميرداماد [ ج ١ ]

255/638
*

يونس بن عبد الرحمن ـ على بن إبراهيم ، عن أبيه عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : «قال لى أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : يا يونس ، لا تقل بقول القدريّة ، فإنّ القدريّة لم يقولوا بقول أهل الجنّة ، ولا بقول أهل النار ، ولا بقول إبليس. فإنّ أهل الجنّة قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) ، (الأعراف ، ٤٣) ، وقال أهل النار : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) ، (المؤمنون ، ١٠٦) ، وقال إبليس : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) ، (الحجر ، ٣٩) ، فقلت : والله ما أقول بقولهم ولكنّى أقول : لا يكون إلّا ما شاء الله وأراد وقضى وقدر. فقال : ليس هكذا ، لا يكون إلّا ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى. يا يونس ، تعلم ما المشيّة؟ قلت : لا ، قال : هي الذكر الأوّل ؛ فتعلم ما الإرادة؟ قلت : لا ، قال : هي العزيمة على ما يشاء. فتعلم ما القدر؟ قلت : لا ، قال : هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء. قال : ثمّ قال : والقضاء هو الإبرام وإقامة العين. قال : فاستأذنته أنّ أقبّل رأسه ، وقلت : فتحت لى شيئا كنت عنه في غفلة».

قلت : وسيتبيّن من ذى قبل ، إن شاء الله العزيز ، سرّ تقديمه عليه‌السلام القدر على القضاء. وإذ أحاديث هذا الباب كثيرة ، وفي ما أوردناه كفاية للمتبصّر ، فلنكتف الآن بما حواه هذا الإيقاظ ، وذلك اثنان وتسعون حديثا.

الإيقاظ الخامس

(القدريّة والجبريّة والمفوّضة)

لعلّك تقول : إنّك قد قضيت قضاء باتّا من القدريّة الواردة في الحديث : «إنّها مجوس هذه الأمّة وإنّها ملعونة على لسان سبعين نبيّا» ، إنّها هي الأشاعرة. وأعنى بهم الجبريّة والكسبيّة ، وهم المسندون جملة الخيرات والشرور والطاعات والمعاصى بحذافيرها إلى الله سبحانه من بدء الأمر إلى قدرته وإرادته فحسب ، ولا يقولون بالعلل والأسباب أصلا ، وينكرون قدرة العبد واختياره رأسا. وذلك الجبر المحض ؛ أو يثبتون له قدرة وإرادة مقارنتين لفعله غير متقدّمتين عليه تقدّما بالذّات ، ولا مؤثّرتين فيه بوجه من الوجوه ، ويعبّرون عن ذلك بالكسب ، ويستنكرون قضيّة صراح العقل الصريح ، إنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، ويقنعون بمجرّد الأولويّة الغير الوجوبيّة ، ولا يؤمنون بوجوب شيء في الحكمة البالغة الربوبيّة مطلقا ، لا من