عليه وآله ) عند مواقيت الصلاة كلّها لا يفقده في شيء منها ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يرقّ له وينظر إلى حاجته وغربته ، فيقول : يا سعد ، لو قد جاءني شيء لأغنيتك ، قال : فأبطأ ذلك على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فاشتدّ غمّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بسعد ، فعلم الله سبحانه ما دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من غمّه بسعد ، فأهبط عليه جبرئيل ( عليه السلام ) ومعه درهمان ، فقال له : يا محمّد إنّ الله قد علم ما قد دخلك من الغم بسعد ، أفتحب أن تغنيه ؟ فقال له : نعم ، فقال له : فهاك هذين الدرهمين فأعطهما إيّاه ، ومره أن يتجر بهما.
قال : فأخذهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثمّ خرج إلى صلاة الظهر وسعد قائم على باب حجرات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ينتظره ، فلمّا رآه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : يا سعد أتحسن التجارة ؟ فقال له سعد : والله ما أصبحت أملك ما أتجر به ، فأعطاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) الدرهمين ، فقال له : اتّجر بهما وتصرف لرزق الله ، فأخذهما سعد ومضى مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى صلّى معه الظهر والعصر ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قم فاطلب الرزق فقد كنت بحالك مغتماً يا سعد.
قال : فأقبل سعد لا يشتري بالدرهم (١) إلّا باعه بدرهمين ، ولا يشتري شيئاً بدرهمين إلّا باعه بأربعة دراهم ، وأقبلت الدنيا على سعد فكثر متاعه وماله وعظمت تجارته ، فاتّخذ على باب المسجد موضعاً جلس فيه وجمع تجارته إليه.
وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا أقام بلال الصلاة يخرج وسعد مشغول بالدنيا لم يتطهر ولم يتهيّأ كما كان يفعل قبل أن يتشاغل بالدنيا ، فكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : يا سعد ، شغلتك الدنيا
__________________
(١) في المصدر : بدرهم شيئاً.