تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ. إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ). قال ومغفرة الذنب في النبي كانت بالفتح والنصر ونحن نأمل ان الله يغفر كل ما تقدم وكل ما تأخر من ذنوب الأمة بفتوحاتها في سبيل الدين والتمدن والعلوم والمعارف. واستقامة الأمة مثل استقامة نبيها في اقامة الدين معصومة ثم (وَمَنْ تابَ مَعَكَ) يتناول كل الأمة الى يوم القيامة حيث جعل المعية في مجرد التوبة.
وقال صفحة (ظ) : كان النبي بلسان الشكر يقول شيبتني هود واخواتها (عبس والنازعات والمرسلات) يشير بذلك إشارة نبوية على ان الأمة ستستقيم استقامة النبي وروح النبوة ستبقى فيها فكأن النبي حي بحياتها اشيب بشيابها.
(ونقول) النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في اعتقادنا معصوم من الذنوب فلا يحتاج الى المغفرة لذلك احتاج القائلون بعصمته إلى تأويل ليغفر لك الله بوجوه من التأويل لأن ظاهر النقل اذا خالف الدليل القطعي وجب تأويله. ومما روي في تأويله ان المراد ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند أهل مكة. اما الأمة التي ليست افرادها بمعصومة كلها فالذنب الواقع منها ذنب حقيقي محتاج الى المغفرة والله تعالى قد وعد التائب النادم المغفرة فاين مشاركة الأمة للنبي في المغفرة وامل الغفران للأمة ليس بفتوحاتها وحدها بل تأمل الغفران لكل مذنب تائب برحمة الله وعفوه والفتوحات التي كانت لمعونة الظالمين على ظلمهم وتوسيع ملكهم سبيلها سبيل من كانت هجرته لا مرأة يتزوجها أو مال يصيبه ان لم توجب ذنبا لا توجب مغفرة. والنبي ومن تاب معه امروا بالاستقامة ونهوا عن الطغيان فالنبي امتثل واستقام وغيره منهم من امتثل واستقام فكان له فضله ومنهم من لم يستقم وطغى فان عليه وزره ومجرد الأمر لا يدل على الامتثال فالتفريع الذي ذكره فاسد سواء أكان من تاب معه يتناول كل الأمة. وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيبتني هود واخواتها يشير به الى ما فيها من التهديد والوعيد للعاصين وما أصاب الأمم الماضين المذكورين فيها من الخسف والغرق والهلاك فكان يخاف على امته ان يصيبها مثله ويخاف على العاصين منهم ويعرض له الخوف من الله تعالى على قدر معرفته يقول ذلك بلسان الخوف لا بلسان الشكر ولذلك شيبته. واما انه يشير الى ان الأمة ستستقيم «الخ» فمع عدم دلالة شيء من الألفاظ على ذلك يكذبه الوجدان فالأمة بامرائها وقد دبت فيها بعد الخلفاء الراشدين روح الفساد ولم تبق فيها روح النبوة ولا ريحها ومات النبي