لا يظلم أحدا ، وحكيم لا يفعل عبثا ، كيف وهو القائل : (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) ـ الرعد ٨». أي بنظام وسبب ، لا بالصدفة والفوضى ، حتى المال الحرام ، والسلطان القائم على الظلم والاستبداد لهما أسبابهما الاجتماعية من نظام جائر ، ومجتمع فاسد ، وجهل قاتل ، وما اليه.
وتسأل : هل يستند سلطان الجور ، والثراء المغتصب الى مشيئة الله؟.
الجواب : كلا ، لأن الله سبحانه قد حرم الظلم ، والغصب؟!. أجل ، انه تعالى لا يتدخل بإرادته التكوينية في الأمور الاجتماعية على طريقة (كن فيكون). انه سبحانه لا يردع الظالم عن ظلمه بقوة قاهرة ، وانما ينهاه بارادة التشريع والإرشاد ، ويحذره من الظلم ، ويتوعده عليه ، فإذا خالف عاقبه يوم الجزاء الأكبر .. ولو شاء أن يمنعه لفعل ، ولكنه يترك الأمور تجري على أسبابها وسننها .. وربما كان هذا هو الوجه المسوغ لنسبة التمليك اليه بوجه عام ، وعليه يكون معنى يؤتي الملك من يشاء انه سبحانه لو أراد أن يمنع الملك بقوة قاهرة عمن لا يستحقه لفعل ، ولم يصل الملك الى الظالم برغم وجود أسبابه العادية.
وكيف كان ، فان ثراء المرء وسلطانه يأتيان نتيجة للمجتمع الذي يعيش فيه ، أما نسبتهما الى مشيئة الله مباشرة ، وبدون توسط سبب من الأسباب الخارجية فخطأ محض.
(وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ). التابوت هو الصندوق الذي كان موسى يضع التوراة فيه ، وكان الله قد رفعه الى السماء بعد وفاة موسى سخطا على بني إسرائيل ـ كما قيل ـ (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ). أي تسكن اليه نفوسكم ، وتطمئن به قلوبكم ، حيث كان للتابوت شأن ديني عظيم عند بني إسرائيل.
(وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ). لم يبين الله البقية ما هي؟. وآل موسى وهارون هم الأنبياء الذين توارثوا التابوت. (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ). أي بمعجزة خارقة للعادة.
(فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي