الوعيد بذكر العقاب ، وربما قال الوالد لولده : ان عصيتني فأنت عارف بي ، وتعلم قدرتي عليك ، وشدة سطوتي ، فيكون هذا الكلام في الزجر أبلغ من ذكر الضرب وغيره.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ). المراد من ينظرون ينتظرون ، ومن إتيان الله إتيان عذابه على حذف المضاف ، ومعنى الآية بمجموعها ان المكذبين والعاصين يأتيهم العذاب بغتة ، ولا ينجيهم منه شيء .. فالآية تجري مجرى قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) ـ محمد ١٧».
(وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ). إذا جاء الموت الذي لا بد منه ، وقامت الساعة ينتهي كل شيء ، ولا يبقى أمام المجرمين إلا الحساب والعقاب.
المخبآت والمفاجئات :
لا أحد يعلم ما يحدث له في المستقبل ، وما يخبئ له الدهر من خير وشر بالغا ما بلغ من العلم والايمان : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) ـ لقمان ٣٤». وكثيرا ما يفاجأ الإنسان بالخير من حيث يتوقع الشر ، ويباغت بالشر من حيث يتوقع الخير ، ولا شيء آلم للنفس من هذه المباغتة ، كما ان الخير إذا جاءه من حيث لا يحتسب يكون أحلى وأعذب من المترقّب.
والعاقل لا يغتر بما لديه ، بل يدخل في حسابه دوران الدهر وضرباته ، كما انه لا ييأس ان نزلت به نازلة ، فان الدنيا في تحول دائم ، ولذا قيل : دوام الحال من المحال ، والفرج يأتي من قلب الضيق ، قال الإمام علي (ع) : عند تناهي الشدة تكون الفرجة ، وعند حلق البلاء يكون الرخاء ، وقال : ان موسى ابن عمران خرج يقتبس لأهله نارا ، فكلمه الله ، ورجع نبيا .. وقال تعالى : لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. وقال جل جلاله : ولا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون.
وجاء في كتب التاريخ والسير ان ابن الزيات عمل وزيرا للمعتصم والواثق ، وكان من أقسى الطغاة وأظلمهم ، فلقد اتخذ تنورا من حديد ، ملأ جوانبه بمسامير