بيان للآثار والنتائج التي تترتب على اتباع دعوة الشيطان وخطواته ، وهي أمور ثلاثة : السوء ، وهو كل فعل تسوء عاقبته ، والفحشاء ، وهي أقبح أنواع المعاصي ، والقول على الله بغير علم من أن له أندادا وأولادا ، ومن تحليل الحرام ، وتحريم الحلال ، ومنه العمل بالرأي والقياس والاستحسان لاستخراج الأحكام الشرعية.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا). الضمير في (لهم) يعود على كل من قلد الغير بلا حجة ودليل ، وترك قول الله والرسول بقول الآباء ، والمراد بما انزل الله كل ما قامت عليه الدلائل والبراهين ، وآمنت به العقول السليمة.
(أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ). الهمزة للتوبيخ ، والواو للحال ، والمعنى أيتبعون الآباء حال كونهم لا يعقلون شيئا من أمور الدين .. فليس المراد من قوله (لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً) نفي العقل والفهم عنهم في كل شيء ، وان كان الظاهر يعطي ذلك ، بل المراد نفي التعقل في أمور الدين فقط ، لأن الكلام في خصوص الأمور الدينية. وسنشير في الفقرة التالية الى ان هذه الآية تدل على قبح التقليد في الضلال ، أما التقليد في الهدى فانه من القدوة الحسنة.
التقليد وأصول العقائد :
ان التقليد كفكرة ، ومن حيث هو ، لا يذم ولا يمدح ، ولا يحكم عليه بحسن ولا بقبح بوجه عام ، بل يختلف باختلاف أنواعه التالية :
١ ـ التقليد الذي يرجع الى العدوى النفسية ، والغريزة التي تشاهد في الإنسان ، والحيوان على السواء ، من ذلك صياح الديكة حين تسمع صوت أحدها ، ونهيق الأحمرة حين ينهق واحد منها .. وكذلك الحال بالنسبة الى الإنسان ، يصفق واحد للخطيب ، فيقلده الآخرون من غير شعور ، حتى ولو لم يفهموا شيئا مما أراد ، وينظر شخص الى جهة معينة ، فيصوب النظر اليها كل من يراه من غير قصد ، وهذا النوع من التقليد لا يوصف بحسن ولا بقبح ، لأنه خارج عن دائرة الشعور والارادة.