أو غيره .. فالشرط الأول والأخير للحكمة والحكيم أن يحقق العمل الغرض المطلوب منه عقلا وشرعا ، دنيا ودينا.
وليس من شك ان من كانت الحكمة رائده ومرشده كان سعيدا في الدارين ، قال الإمام جعفر الصادق (ع) : «ما أنعم الله على عبد بنعمة أعظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة ، قال تعالى (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ). أي لا يعلم أحد ما أودع الله في الحكمة من الأسرار إلا من استخلصه لنفسه ، فالحكمة هي النجاة ، وصفة الثبات عند أوائل الأمور ، والوقوف عند عواقبها».
وتجمل الاشارة هنا الى الفرق بين العلم والحكمة .. فالعلم يقيس الكميات ، ويتعرف على العلاقات التي تربط هذه الكميات بعضها ببعض ، ويكتشف القوانين التي تجمعها في شمل واحد ، والأثر الذي يترتب عليها من خير أو شر. أما الحكمة فإنها تأمر باتباع العقل السليم ، والدين القويم ، واستعمال الشيء فيما وضع له ، وخلق من أجله ـ مثلا ـ العلم يفتت الذرة ، ويوجد السفن الفضائية ، ولكنه لا ينظر الى الهدف الذي يرمي اليه العالم خيرا كان أو شرا ، ولا ينهاه عن هذا ، ويأمره بذاك ، أما الحكمة فلا يعنيها من تفتيت الذرة ، واختراع السفن كثير ولا قليل ، وانما تنظر الى ما تستعمل فيه الذرة وسفن الفضاء ، وتوجه الإنسان الى أن يبتغي بهما خير الانسانية وهناءها ، لا شرها وشقاءها (١).
وما انفقتم من نفقة الآة ٢٧٠ ـ ٢٧١ :
(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ
__________________
(١) قرأت فيما قرأت ان لدى الدول الكبرى قنابل ، الواحدة منها في طاقة مائة مليون طن من المتفجرات ، وانها يمكن أن تقتل في لحظات مائة وعشرين مليون نسمة ، وان سفن الفضاء تزود الطائرات الحربية بصور دقيقة للأهداف والمنشئات التي يريد العدو تدميرها ، كما تصور ثروات الأرض التي يطمع بها أهل الاحتكار والاستغلال ، ويدلنا هذا على كذب الدعايات التي يذيعها أصحاب هذه المخترعات بأن الغاية منها السلم ورفاهية الإنسان وسعادته ، وحمله في رحلات ترفيهية إلى القمر ، والزهرة.