يريد بقوله هذا ـ على ما أرى ـ ان العين لا ترى الشيء إلا بشرطين : الأول أن تكون أهلا للنظر ، الثاني أن يكون الشيء أهلا لأن ينظر بالعين .. وهذا شيء بديهي ، فإذا فقدت العين أهلية النظر ، أو لم يكن الشيء مؤهلا للنظر بالعين انتفت الرؤية قهرا .. والعين أصغر وأحقر من ان ترى الذات القديسة الاحدية ، كما انه جل وعلا أعظم من أن يرى بالعين.
وانتقل ذهني ، وأنا أقرأ عبارة هذا العظيم ، الى الفيلسوف الانكليزي جون لوك القائل بالواقعية النقدية ، وملخصها ان للشيء صفات أولية ثابتة له واقعا ، ولا تنفصل عنه إطلاقا ، سواء أوجد من يدركها ، أم لم يوجد ، كالعناصر المقومة المكونة للشيء .. وأيضا له صفات ثانوية نسبية لا توجد مستقلة عن ذات تحسها وتدركها ، كاللون والصوت والطعم ، فاللون ليس صفة للشيء كما يتراءى وانما هو موجات ضوئية خاصة بين الشيء والعين عند العلماء ، وأيضا الصوت موجات هوائية ، والطعم لا وجود له لو لا الفم ، ومن هنا يختلف باختلاف الذائق صحة ومرضا .. واختصارا انه لا لون بلا عين ، ولا صوت بلا اذن ، ولا طعم بلا فم. وليس من شك ان نور الله سبحانه يطغى على الموجات الضوئية وغيرها ، وإذا انتفت هذه الموجات انتفت الرؤية.
واذ قلنا ادخلوا الآة ٥٨ ـ ٥٩ :
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩))