الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)
ذكر سبحانه المؤمنين أولا ، وهم الذين أخلصوا للحق قلبا وقالبا ، وثنّى بالكافرين الذين محضوا الكفر باطنا وظاهرا ، والآن جاء دور المنافقين الذين تظاهروا بالإيمان ، وما هم بمؤمنين ، وكفر هؤلاء أخبث الكفر ، وأبغضه إلى الله ، ولذا أطنب بأوصافهم ، وما يؤول اليه حالهم بثلاث عشرة آية بينما اقتصر في وصف الكافرين على آيتين ، بل أنزل سورة خاصة بالمنافقين .. وهذه الآيات واضحة الدلالة ، لا تقبل التأويل ، ولا تحتاج الى تفسير ، تماما كقوله سبحانه : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). لذا نكتفي بالفقرة التالية :
من هو المنافق؟
كل منا يريد أن يكون شيئا مذكورا عند الناس ، وعلى الأقل ان لا ينتقدوه في تصرفاته ، ولا يتناولوه بالذم في ألسنتهم ، بخاصة إذا كان نجاحه في عيشه ومهنته يتوقف على ثقة الناس به .. ومن أجل هذا ينبغي الشك والريب في دخيلة كل انسان من هذا النوع ، وان لم يبد من أمره ما يريب .. انه معرّض دائما للخداع والرياء حرصا على مصلحته ، ولو لا اطلاق الدليل لاستثنيته من قاعدة «حمل فعل المسلم على الصحة» (١).
ومهما يكن ، فان كل من يؤثر الاستخفاء من الناس ، ويتظاهر بما ليس فيه ، ويخشى أن ينكشف الستر عن حقيقته فهو كذاب منافق ، ومراء مخادع ،
__________________
(١) لقد تسالم الفقهاء على قاعدة ، أسموها حمل فعل المسلم على الصحة ، ومثالها : ان ترى شخصا يشرب مائعا ، ولا تدري : هل هو حلال أو حرام ، أو علمت بأنه حرام ، وشككت : هل يشر به للتداوي ، أو جاهلا بالتحريم ، أو يشربه من غير عذر؟ .. فعليك أن تحمله على الصحة ، حتى يثبت العكس.