وبظاهر قوله تعالى : (فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ) حيث قيد إحباط العمل بالموت على الكفر ، ويتفرع على ذلك مسألتان :
الأولى : هل تصح العبادة ، كالصلاة والحج والصوم والزكاة ، من المرتد بعد عودته الى الإسلام أو لا؟.
وقد اتفق فقهاء السنة على انها تصح وتقبل منه.
واتفق فقهاء الشيعة على انها تقبل من المرتد عن ملة بعد إسلامه ، واختلفوا في صحتها من المرتد عن فطرة بعد عودته الى الإسلام ، فذهب أكثرهم الى انها لا تصح منه بحال ، وان إسلامه بعد الارتداد لا يجديه شيئا في الدنيا أبدا ، بل يعامل معاملة الكافر ، وانما ينفعه إسلامه بعد الارتداد في الآخرة فقط ، حيث يسقط عنه العذاب .. وقال المحققون منهم ، ونحن معهم : بل تصح عبادته ، وينفعه إسلامه ، ويعامل معاملة المسلم دنيا وآخرة.
المسألة الثانية : هل يجب على المرتد أن يقضي بعد عودته الى الإسلام ما كان قد أتاه من العبادة قبل أن يرتد ، فلو كان قد صلى وحج ، وهو مسلم ، ثم ارتد ، ثم تاب ، فهل عليه أن يعيد الصلاة والحج بعد العودة الى الإسلام؟. قال الحنفية والمالكية : يلزمه القضاء. وقال الشافعية : لا يلزمه.
أما فقهاء الشيعة الذين قالوا بصحة عبادة من تاب بعد أن ارتد فإنهم ذهبوا إلى أنه لا يقضي شيئا مما كان قد أتى به من العبادة حال الإسلام ، وقبل الارتداد ، وانما يقضي خصوص ما فاته أثناء الارتداد فقط.
الإحباط :
قال جمهور المعتزلة ، ان المؤمن المطيع يسقط ثوابه المتقدم بكامله إذا صدرت منه معصية متأخرة ، حتى ان من عبد الله طول عمره ، ثم شرب جرعة من خمر فهو كمن لم يعبد الله قطّ .. وكذا الطاعة المتأخرة تسقط الذنوب المتقدمة ، وهذا هو معنى الإحباط.
واتفق الامامية والاشاعرة على بطلان الإحباط ، وقالوا : لكل عمل حسابه الخاص ، ولا ترتبط الطاعات بالمعاصي ، ولا المعاصي بالطاعات .. بل من