(وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ). أي من كفر بما أنزل الله الذي يستلزم الكفر به الكفر بمحمد (ص) فهو من الخاسرين لا محالة ، لأنه تماما كمن كفر بالله .. وبديهة انه لا خسران أعظم من خسران الآخرة ونعيمها الباقي ببقاء الله سبحانه.
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ). مضى تفسيرها في الآية ٤٠ ، وقد كرر الله سبحانه تذكير اليهود بنعمته في العديد من الآيات ، والغرض تقريعهم وتوبيخهم بأبلغ أسلوب وأحكمه .. ومن ذلك قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً). مرّ تفسيرها في الآية ٤٨.
بين مجتهد ومقلد :
دعا الشيخ محمد عبده الى الاجتهاد ، ونعى على أهل التقليد ، وكان له حلقة في الأزهر يفسر فيها القرآن ، وعند ما وصل الى قوله تعالى : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال :
«ان الذي يتلو القرآن لمجرد التلاوة مثله كمثل الحمار يحمل أسفارا ، لاحظ له من الايمان بالكتاب ، لأنه لا يفهم أسراره ، ولا يعرف هداية الله فيه ، وقراءة الألفاظ لا تفيد الهداية ، حتى ولو فهم القارئ مدلولاتها ، لأن هذا الفهم من قبيل التصور ، والتصور خيال يلوح ويتراءى ، ثم يغيب ، وانما الفهم الصحيح فهم الايمان والتصديق ممن يتدبر الكتاب مستهديا مسترشدا ملاحظا انه مخاطب بآياته ليهتدي بها ، ويسترشد بمعانيها».
فاعترض عليه بعض الشيوخ المقلدين قائلا : ان العلماء قالوا : القرآن يتعبد بتلاوته.
فأجابه الشيخ عبده : ولكن الله قال : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) ـ ص ٢٩». ومن رأي الشيخ عبده ، كما في تفسير المنار : ان على كل مسلم أن يقرأ القرآن ، أو يسمعه كله ، ولو مرة واحدة في عمره.