حية الى اليوم في نفوس الكثيرين من الشرقيين والغربيين ، لأن الإسلام بانسانيته وعدالته ، ومقاومته للبغي والفساد هو السبب الأول للعداء ، ولهذا وحده يضمرون لأهله كل شر ، ويحاربونهم بشتى الوسائل ، ويتفننون فيها حسب ما تقتضيه الظروف والتطورات .. وعلينا أن نتنبه لهؤلاء الأعداء ، ونقاتلهم بنفس السلاح الذي يقاتلوننا به.
(وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). هذا تحذير وتهديد من الله سبحانه لمن يستجيب لأعداء الدين ، ويرتد عن دينه فانه بذلك يخسر الدنيا والآخرة ، ومآله جهنم وبئس المصير .. وقوله تعالى : (فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ) يدل بصراحة على ان المرتد إذا تاب قبل الموت يقبل الله منه ، ويسقط العقوبة عنه ، والعقل حاكم بذلك .. ولكن فقهاء الشيعة الإمامية قالوا : إذا كان المرتد رجلا ، وكان ارتداده عن فطرة (١) ثم تاب يسقط عنه العذاب الاخروي ، أما العقوبة الدنيوية ، وهي القتل ، فلا تسقط بحال ، اما إذا تاب المرتد عن ملة فيسقط القتل عنه مستندين في هذا التفصيل الى روايات عن أهل البيت (ع). ومعنى حبط الأعمال في الدنيا انه يعامل معاملة الكافر ، بالاضافة الى استحقاق القتل ، أما الحبط في الآخرة فالعذاب والعقاب.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). بعد ان ذكر الله جل جلاله حال المشركين والمرتدين وعقابهم ناسب أن يذكر المؤمنين وثوابهم ، والذين هاجروا هم الذين هاجروا من مكة الى المدينة مع رسول الله (ص) ، والمجاهدون هم الذين بذلوا جهدهم في نصرة الإسلام ، ومقاومة أعدائه.
عبادة التائب بعد ارتداده :
إذا تاب المرتد ، وعاد الى الإسلام قبل موته يقبل الله توبته بحكم العقل ،
__________________
(١) المرتد عن فطرة أن يكون أبواه أو أحدهما مسلما ، والمرتد عن ملة أن يكون أبواه كافرين ، ثم يسلم ، ثم يرتد.