فعل شيئا نهى الله عنه ، أو ترك شيئا أمر الله به فهو فاسق خارج عن طاعة الله ، مستحق لغضبه وعقابه. (وَاتَّقُوا اللهَ) في الطاعة لجميع أوامره ونواهيه. (وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). يعلمكم ما فيه خير لكم دينا ودنيا. وبديهة ان الله سبحانه لا يعلمنا مباشرة ، ولا يلقي العلم في عقولنا وقلوبنا إلقاء ، وانما يعلمنا بواسطة الوحي الذي ينزله على أنبيائه ، هذا الوحي الذي يتضمن كل ما فيه هدايتنا وإرشادنا إلى المصالح التي تضمن بقاءنا وسعادتنا.
مع الصوفية :
قال الصوفية كلهم أو جلهم : لا سبيل الى المعرفة والعلم بالله ووحيه ، والشريعة وأسرارها إلا الايمان والتقوى ، فمن اتقى الله عرفه وعرف شريعته وأحكامها ، وعرف الآخرة وأهوالها ، وفهم القرآن والحديث من غير درس وتعلم ، ويسمون علمهم هذا بالعلم اللدني ، واستدلوا بأدلة منها قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ). ولفظ الآية الكريمة يأبى هذا الاستدلال ، لأنه لو كان كما قالوا لجزم يعلمكم جوابا لاتقوا ، ولاقترن الجواب بالفاء ، لا بالواو .. هذا ، الى ان من أمعن الفكر في قول الصوفية هذا يجده أشبه بهذيان المحموم الذي يلغو ويقول : ان البيت لا يتم بناؤه إلا بعد السكن فيه ، وان الثوب لا يتم نسيجه إلا بعد لبسه.
ولا أدري كيف يدعي الصوفية العلم بالحديث ، وقد تواتر عن الرسول (ص) : «اطلبوا العلم ولو بالصين .. العلم بالتعلم»؟ ونحن لا نشك أبدا في أن النظريات تتبلور بالتطبيق والعمل ، وان العالم العامل تتفتح له أبواب بمعلومات جديدة ، ولكن هذا شيء ، وكون التقوى وسيلة الى المعرفة شيء آخر.
(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ). بعد ان أمر الله بكتابة الدين صيانة له جعل الرهن وثيقة له بدلا عن الكتابة ، حيث تتعذر في السفر.
واتفق الفقهاء على ان عقد الرهن لا يتم إلا بالقبض ، واستدلوا بقوله تعالى :